حسام الدين عبد الوهاب غنيم
يعيش 80% من طالبي اللجوء في إيطاليا، في منطقة تسمى كاس، حيث توجد فرص لتلقي التدريب والبدلات اليومي. هناك يتلقى طالبي اللجوء حوالي 30 يورو يومياً، لكن بعد الاعتراف باللجوء تتوقف المساعدات المقدمة للاجئين ويصبح عليهم الاعتماد على أنفسهم، فهل يكون ذلك سبب في ترك اللاجئين لإيطاليا والانتقال إلى بلاد تمنحهم مساعدات أعلى ولفترة أطول؟
تنفق ألمانيا حوالي 35 يورو باليوم على كل طالب لجوء، بهذا المال تقوم بتدريب طالبي اللجوء على العمل، وتقدم أيضًا العديد من الخدمات. يتمتع الأجنبي في برلين بفرصة أخذ دورات وتعلم اللغة والحصول على 135 يورو شهريًا. وعلى عكس إيطاليا، فبعد موافقة السلطات الألمانية على إعطاء اللجوء ترتفع المساعدات لتصل إلى 400 يورو شهريًا، بالإضافة إلى ضمانات الإقامة والمساعدة في العثور على وظيفة ومزايا أخرى، كدورات اللغة، ودروس عن السياسة والاندماج في ألمانيا.
اقرأ/ي أيضاً: لاجئون سوريون يغادرون الدنمارك ويقدمون طلبات لجوء جديدة في ألمانيا
من إيطاليا إلى برلين
في حوار مع باسل (اسم مستعار) لاجئ عراقي في برلين متزوج ولديه ولدين، فقد ابنته في رحلة الموت، فراقها جعله يواجه الصعاب لكي يستطيع اليوم تأمين مستقبل أفضل لولديه. أكد باسل الذي انتقل من إيطاليا، بسبب سوء الأوضاع المعيشية، للعيش والاستقرار في ألمانيا، أن الحكومة في برلين قدمت له مساعدات كثيرة بداية من الاقامة وتكاليف المعيشة الكاملة وتوفير التأمين الصحي والتدريب المهني.
ورغم كل الصعوبات التي يواجهها باسل حتى اليوم، لكنه تمكن من إنهاء تدريب مهني في الميكانيك. اليوم وبعد 3 أعوام، يعمل باسل في مصنع كبير ويتحدث اللغة بطلاقة. يقول باسل إن نظام اللجوء في برلين قد ساعده كثيراً للاندماج في المجتمع الألماني بشكل جيد واعداده مهنياً لسوق العمل، ويضيف “الألمان احتضنوني وساعدوني في تجاوز صدمة فقدان بنتي، والحفاظ على أولادي الآخرين. سأظل دائمًا مدينًا لهم”.
رحلة شاقة دون نهاية سعيدة
يقول “بكاري ن.”، لاجئ كاميروني مقيم حالياً في نابولي، لقد وصلت إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية منذ عام تقريبًا قبل الكورونا وبعد أخذ بصماتي كما يتم فعله مع أغلب اللاجئين، أرسلوني على مركز استقبال “كاس” في نابولي. يوضح بكاري “الحياة صعبة في الكاميرون، ورحلتي كانت شاقة جداً، ثلاثة أشهر من التنقل من بلد أفريقي إلى آخر، عبر الصحراء والجبال والغابات الموحشة حتى ركبت مركب الموت من ليبيا، رحلة صعبة ومؤلمة”. ويضيف بكاري أن الحياة هنا صعبة أيضاً، ويتم اعطائنا مواد غذائية قليلة اسبوعياً، بالنسبة لدروس اللغة الإيطالية هناك مدرسة متطوعة تأتي مرة أسبوعياً لتعليمنا، ومؤخراً نقوم بالدروس على الانترنت باستخدام الهواتف الجوالة. لم يتم تعليمنا أي مهنة أو حرفة حتى الآن. وبالكلمات القليلة التي أعرفها باللغة الإيطالية يصعب علي التواصل والاندماج في المجتمع الخارجي.
إيطاليا تحاول اللحاق بألمانيا
تتحدث الحكومة الألمانية عن 32 يورو نفقة يومية لكل طالب لجوء في ألمانيا، أما معهد الإحصاء ومعهد IW في كولن فيقول أنها تزيد عن 35 يورو. لا تشمل هذه البيانات تكاليف الاندماج الاقتصادي، مثل الدورات التدريبية المهنية. بالإضافة إلى ضمان الحصول على مكان للإقامة والمبيت، ويضاف عليهم أيضًا تكاليف الطعام والمساعدة ودورات اللغة وما يسمى “مصروف الجيب”، ويبلغ 135 يورو شهريًا، يمكن لطالب اللجوء إنفاقها بحرية.
اقرأ/ي أيضاً: محكمة ألمانية تلزم السلطات بإعادة لاجئ سوري تم ترحيله من ألمانيا
تحاول إيطاليا الوصول إلى نظام حماية طالبي اللجوء واللاجئين، يتم من خلاله تقديم دورات تعلم اللغة الإيطالية وتوفير وسطاء ثقافيين ومساعدة نفسية وقانونية للضيوف الأجانب، وفي بعض الأحيان تدريب مهني، لكن ذلك لايطبق على أرض الواقع.
اقرأ/ي أيضاً: ألمانيا: تعزيز حقوق اللاجئين المعترف بهم من قبل دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي
يرى المحللون أنه من أجل ضمان خدمة مناسبة، يجب أن تكون الرسوم لكل مهاجر حوالي 40 يورو، وإلا فلن تكون المساعدات كافية. وتكمن المشكلة في أن 80% من أصل 170 ألف طالب لجوء يعيشون في مراكز الاستقبال الاستثنائية في “كاس”، حيث فرصة تلقي التدريب أقل، والبدلات اليومية حوالي 30 يورو.
نسبة قليلة من اللاجئين في إيطاليا يعيشون ظروف جيدة
يقول “ممادو س.” لاجئ سنغالي مقيم في نابولي منذ ثلاث أعوام: “أحمد الله على تواجدي خارج كاس، هنا يتم تعليمنا جيداً اللغة الإيطالية يومياً، ويجعلوني أتعلم مهنة جيدة. فأنا الآن أعمل كعامل في مطعم للبيتزا وأنا سعيد جيداً بذلك. لقد ساعدوني كثيراً في المركز بعد وصولي له العام الماضي من مركز كاس”. ويؤكد ممادو “في مركز الكاس لا يوجد أدنى اهتمام بتعليمنا أو غذائنا أو باندماجنا في المجتمع الإيطالي. كنا نشعر بالجوع في أغلب الأيام ولا نجد ما نأكله”.
مراكز الاستقبال في “الكاس” تخضع بشكل مستمر لتحقيقات مختلفة بشأن الاحتيال، وسلب الأموال العامة المصروفة لرعاية المهاجرين. وفقًا لتحقيقات الشرطة المالية، تم ضبط فواتير وهمية، وتوجيه تهم إلى خمسة أشخاص بشراء طعام قبيل انتهاء تاريخ صلاحيته “بسعر التكلفة” وإعطائه لنزلاء مراكزهم، عندما لم يعد صالحًا للأكل.
يقول “تيديان ف.” لاجئ من ساحل العاج وحاصل على حق اللجوء السياسي بإيطاليا: “بعد حصولي على حق اللجوء السياسي وبعد سنتين من تواجدي في مركز الكاس، أخبروني أنه يجب علي الانتقال إلى مركز آخر ولكن لا يوجد أماكن متاحة هناك”. تحتم على تيديان التوقيع على الخروج من مركز الكاس، ووجد نفسه في الشارع وبجيبه قليل جدا من النقود حسب قوله، استطاع بها شراء تذكرة للذهاب إلى أحد أصدقاءه القدماء الذي يعمل هناك في جمع الطماطم. يعمل تيديان اليوم في جمع الطماطم من الحقول بأجر يومي زهيد. يأمل تيديان أن تتغير حياته، وأن يتمكن من الخروج من إيطاليا إلى ألمانيا، ويصف حياته في إيطاليا بالمأساة.