ليس هناك من موضوع يشغل الألمان في عام الانتخابات البرلمانية مثل موضوع الأمن الداخلي. لكن من الصعب على السياسيين في الأحزاب الألمانية تقديم وصفة جاهزة لمواجهة الإرهاب.
تُعد النوادي الليلية والحانات وقاعات الحفلات على غرار ما حصل الآن في مانشستر من الأهداف المفضلة للإرهابيين الإسلامويين. موقفهم المحتقر للإنسانية يتجلى في أن من يتردد على “مكان أثيم” فإنه يستحق الموت. وبعد الاعتداء في المدينة الإنجليزية الكبيرة مانشيستر كتب أحد مستخدمي تويتر يقول: “هم يهاجمون بيوتنا، ونحن نهاجم بيوتهم”. وحمام الدم في مسرح “بتاكلان” بباريس في 2015 يكشف أيضًا عن مواقف الكراهية مثل الاعتداء بالمتفجرات في بلدة أنسباخ في يوليو 2016 ونصف سنة بعدها الاعتداء على المرقص الليلي في إسطنبول. ومن يريد أن يحقق مكاسب في الحملة الانتخابية الألمانية يجب عليه أن يقدم تصورات ملموسة ضد الإرهاب. لكن هذا أمر صعب.
هل يجب على الألمان التخلي عن جزء من الحرية من أجل أمن أكبر؟
السياسيون يحذرون من التقليص المبالغ فيه الذي لا يأتي في النهاية بشيء. فلتفادي اعتداءات إضافية على الطائرات تم تشديد الإجراءات الأمنية بعد اعتداءات الـ 11 من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية. لكن الاعتداءات الأخيرة بالسكين والساطور أو بالحافلة أظهرت مجددًا أنه ليس هناك من حماية مطلقة. وحذّر كونستانتين فون نوتس، خبير الشؤون الداخلية من حزب الخضر بالقول:” نقلص من قانونية الدولة والحرية والإطار الشخصي ولا نحصل في المقابل على أمن أكبر”. وأضاف:”في بريطانيا تم توسيع المراقبة بالكاميرات في الأماكن العامة. لكن المراقبة بالكاميرا لا تحول دون حدوث اعتداءات انتحارية”.
هل تغير مستوى الخطر في ألمانيا؟
نعم، لأن هناك مخاطر الإرهاب في أوروبا وكذلك في ألمانيا منذ سنوات. لكن ارتفاع عدد المحاكمات ضد إرهابيين إسلامويين مشتبه بهم وضد من يدعمهم لا يعود فقط ليقظة السلطات. بوركهارد ليشكا، خبير الشؤون الداخلية من الحزب الاشتراكي الديمقراطي قال:”التوازن بين الأمن وحقوق الحرية ليس متحجرًا، بل يجب تحديده باستمرار حسب الظروف المتغيرة”.
أما أرمين شوستر، خبير الشؤون الداخلية من الحزب المسيحي الديمقراطي فينطلق من فرضية تنامي مخاطر الإرهاب، لأن ميليشيا “داعش” الإرهابية في سوريا والموصل العراقية توجد في موقف دفاعي، وقال:”داعش ينتقل إلى إستراتيجية جديدة، لأنه لم يحقق أهدافه الأصلية” موضحًا أن “درجة المخاطر ارتفعت بقوة”.
ما الذي يمكن لألمانيا فعله؟
في هذه الأثناء يطالب سياسيون من مختلف الأحزاب بتحسين الإمكانيات البشرية والتقنية لسلطات الأمن. فالحزب الاشتراكي الديمقراطي يطالب في برنامجه للانتخابات البرلمانية بإيجاد 15.000 موطن عمل جديد لدى الشرطة. ويقول ليشكا:”نحتاج إلى مركز لمكافحة الإرهاب على المستوى الأوروبي، لأن الإرهابيين لا يدركون حدودهم”. وطالب سياسيون آخرون بالتفكير في بلورة مشاريع أمنية جديدة ضد الإرهاب عوض التركيز على قضايا ثانوية مثل حظر البرقع أو الحراسة الإلكترونية للمجرمين.
هل تدرك السلطات الألمانية بشكل كاف أنشطة الشبكات الراديكالية؟
العديد من الإرهابيين الذين نفذوا في السنوات الماضية اعتداءات في أوروبا كانوا معروفين لدى سلطات الأمن، ولا ينطبق هذا على التونسي أنيس عامري فقط الذي قتل قبل عيد الميلاد في برلين 12 شخصًا. ويلاحظ سياسيون أن سلطات الأمن الألمانية مطالبة بتقوية معرفتها بالأوساط السلفية وما يحصل فيها، حيث إن السلطات في حاجة إلى تعاون مع المسلمين الذين يمكنهم تقديم معلومات.
لماذا يتم ربط الجدل الأمني بموضوع الاجئين؟
بعض الإرهابيين الذين نفذوا اعتداءات في أوروبا هم من الاجئين، مثل أنيس عامري أو السوري الذي حاول في بلدة أنسباخ الدخول بمتفجرات في حقيبة الظهر إلى باحة مكان المهرجان الموسيقي. وبعض المهاجمين وُلدوا في أوروبا، وترتبط مجموعة أخرى بماض إجرامي. وفي هذا السياق اعتبر فريزر من الحزب الاجتماعي المسيحي أن الحصول على معلومات كافية عن الأشخاص الذين دخلوا ألمانيا 2015 و 2016 كلاجئين “يتسم بنواقص أمنية”.
المصدر: دويتشه فيليه.