استهدف تفجيران انتحاريان مظاهرة لأعضاء من أقلية الهزارة الشيعية، في العاصمة الأفغانية كابول يوم السبت، مما أدى إلى مقتل 80 شخصًا على الأقل وإصابة أكثر من 230 في هجوم أعلن تنظيم الدولة الإسلامية المسؤولية عنه.
وأظهرت لقطات تلفزيونية من موقع الهجوم الانتحاري، الكثير من الجثث على الطريق المخضب بالدم قرب المكان الذي كان يتظاهر فيه الآلاف من الهزارة، احتجاجًا على مسار خط للكهرباء يتكلف ملايين الدولارات.
وقال بيان للتنظيم نقلته وكالة أعماق للأنباء التابعة للدولة الإسلامية، “مقاتلان من الدولة الإسلامية يفجران حزاميهما الناسفين، على تجمع للشيعة في منطقة دهمزتك بمدينة كابول في أفغانستان.”
وإذا ما تأكد أن هذا الهجوم من عمل الدولة الإسلامية، فسيمثل تصعيدًا كبيرًا في نشاط الجماعة ،الذي اقتصر أغلبه حتى الآن على إقليم ننكرهار شرق البلاد.
وتمثل أيضا الإشارة الصريحة لاستهداف الهزارة لأنهم شيعة، تحولاً كبيرًا في الأوضاع في أفغانستان، التي تندر فيها نسبيًا الصراعات العنيفة بين السنة والشيعة على الرغم من عقود من الحرب.
وقال مسؤولون في المديرية الوطنية للأمن، وهي وكالة المخابرات الأفغانية، إن الهجوم خطط له شخص يدعى أبو علي من تنظيم الدولة الإسلامية، يقيم في منطقة آتشين في ننكرهار. وأضاف المسؤولون أن ثلاثة أفراد شاركوا في الهجوم.
وتشير التقديرات إلى أن أبناء الهزارة الذين يتحدثون الفارسية وأغلبهم من الشيعة، يشكلون حوالي تسعة في المئة من سكان أفغانستان، وهم ثالث أكبر أقلية فيها، لكنهم يعانون منذ فترة طويلة من التمييز ولقي الآلاف منهم حتفهم أثناء حكم طالبان.
وقالت صابرة جان وهي متظاهرة شاهدت الهجوم، ورأت الجثث المغطاة بالدماء على الأرض، “كنا نشارك في مظاهرة سلمية، عندما سمعت دويًا ثم كان الجميع يهربون ويصرخون… لم يكن هناك من يساعدنا.”
طالبان تتبرأ من الهجوم
ونفت حركة طالبان مسؤوليتها عن الهجوم، وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسمها في بيان إن الحركة “لم تشارك بأي صورة من الصور في هذا الهجوم المأساوي” وأضاف أن “دوائر معادية” هي التي نفذته.
وقالت الحركة في بيان على موقعها على الإنترنت إن الهجوم “مؤامرة لإشعال حرب أهلية.”
ونجح المهاجمون في القيام بهذه العملية، على الرغم من تشديد الإجراءات الأمنية، بما يشمل إغلاق أغلب وسط كابول بحواجز أمنية وتحليق طائرات هليكوبتر على ارتفاع منخفض.
وقال بيان من وزارة الداخلية إن 80 شخصًا قتلوا وأصيب 231، مما جعل الهجوم من بين الأكثر دموية في البلاد، منذ الإطاحة بحكم طالبان في حملة عسكرية قادتها الولايات المتحدة في 2001.
وكان أسوأ هجوم سابق استهدف أقلية الهزارة، قد وقع في ديسمبر كانون الأول من عام 2011 عندما قتل أكثر من 55 شخص في كابول، خلال احتفالات الشيعة بيوم عاشوراء، وأعلنت وقتها جماعة باكستانية سنية متشددة تدعى عسكر جنجوي مسؤوليتها عن الهجوم.
غضب وإدانة عامة
أعلن الرئيس الأفغاني أشرف عبد الغني، يوم حداد وطني بعد الهجوم وتعهد بالانتقام، وأدان تاداميتشي ياماموتو الممثل الخاص لبعثة الأمم المتحدة في أفغانستان الهجوم، ووصفه بأنه جريمة حرب. وعرضت الولايات المتحدة المساعدة في التحقيق في الهجوم.
وأدانت الولايات المتحدة وروسيا الهجوم، وجددتا التعهد بتقديم المساعدة الأمنية لكابول.
وقال البيت الأبيض في بيان “لا نزال ملتزمين بالعمل المشترك مع قوات الأمن الأفغانية ودول المنطقة، لمواجهة القوى التي تهدد أمن واستقرار وازدهار أفغانستان.”
ونقلت وكالات أنباء روسية عن بيان للكرملين قوله، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جدد استعداده لمواصلة التعاون البناء مع سلطات أفغانستان وشعبها، في محاربة كل أشكال الإرهاب.”
مظاهرة سلمية
وكان المتظاهرون يطالبون بتغيير مسار خط كهرباء بجهد 500 كيلوفولت، يمتد من تركمانستان إلى كابول ليمر بإقليمين بهما عدد كبير من أبناء الهزارة، ويقولون إنهم يخشون أن يحرموا من الاستفادة من هذا المشروع.
وقالت الحكومة إن المشروع يضمن ما يكفي من الكهرباء في إقليمي باميان ووردك، ويقعان إلى الغرب من كابول، وإن تغيير المسار المحدد سيؤخر المشروع لسنوات ويتكلف ملايين الدولارات.
وفي نوفمبر تشرين الثاني، شارك الآلاف من الهزارة في مسيرة بكابول، للاحتجاج على تقاعس الحكومة بعد مقتل سبعة من طائفتهم ذبحًا على يد متشددين إسلاميين، وحاول عدة محتجين شق طريقهم إلى القصر الرئاسي.
ويشكل الاحتجاج ضغطًا على الرئيس الأفغاني، الذي يواجه مزيدًا من المعارضة من داخل الحكومة وخارجها، خاصة وأنه يجئ من مجموعة يشغل بعض زعمائها مناصب في حكومة الوحدة الوطنية.
وتهدد الاحتجاجات أيضا بتفاقم التوترات العرقية مع مجموعات أخرى وأقاليم، تقول الحكومة إنها ستضطر للانتظار لمدة تصل إلى ثلاث سنوات لتصلها الكهرباء إذا تقرر تغيير مسار الخط.
رويترز