عبد الرزاق حمدون*
قد تختلف الآراء حول عدّة نقاط حصلت في كأس العالم من منتخب قوي إلى آخر سيء أو مخيب للآمال والتطلعات وأخير مفاجئ للجميع، لكن ما يمكن أن نتفق عليه أن منتخب انكلترا بأسلوبه العشوائي أنسى المتابعين متعة الدوري هناك.
لم تحتاج كولومبيا إلى الوصول لركلات الحظ الترجيحية لكي تكشف منتخب الأسود الثلاثة بكامل نجومه، فخلال 90 دقيقة استطاع فالكاو ورفاقه بقيادة المدرب بيكرمان أن يظهروا الانكليز على هيئة المنتخب العشوائي الذي يرتكب العديد من الأخطاء، ولم تفلح محاولات هاري كين وسترلينغ الخجولة في الشوط الأول بتغيير صورة المنتخب الإنكليزي السيئة.
بدأ المدرب ساوثغيت بتشكيلة 3-1-4-2 وقرر بعدم الاعتماد على الأظهرة واللعب بشكل مباشر دون التفكير بالكرات العرضية، لكن ما لم يحسبه المدرب الانكليزي هو أن لاعبيه في خط الوسط غير قادرين على صنع الفارق أو حتى تمويل المهاجمين بالكرات الخطيرة، ليكون ديلي آلي وهيندرسون الأسوء في هذا اللقاء ولم يقدما المساعدة للينغارد الذي كان يضطر للعودة أكثر واستلام الكرة ويجد نفسه وحيداً في ظل انعزال هاري كين مع الدفاع الكولومبي.
مباراة تلو الأخرى وأمام أي خصم يبحث منتخب انكلترا على الكرات الثابتة سواء الركنيات أو ركلات حرّة أو ركلة جزاء، إذاً هذا هو الحل أمام كولومبيا المنضبطة دفاعياً والقوية في حالة الضغط على وسط الانكليز البطيء، ليستثمر كين سذاجة المدافع الكولومبي من ركنية ويتحصل على ركلة جزاء لتنصبه هدّافاً للمونديال إلى حد الآن بـ 6 أهداف منها 3 من علامة الجزاء.
بعد التقدم الانكليزي اندفع المدرب بيكرمان إلى التحوّل التكتيكي ليصبح طريقة لعب الكولومبيين إلى 3-5-2 بنزول باكا كمهاجم ثانٍ مع فالكاو، ولم يستثمر الانكليز المرتدات بالشكل المطلوب لنشاهد عيوب بالجملة في عملية بناء الهجمات والارتداد من قبل هيندرسون وآلي التائه ولينغارد المندفع سلبياً، وعدم تسجيلك لهدف ثاني أمام خصمٍ انتحر تكتيكياً هذا يعني أنك تعطيه فرصة العودة للحياة مجدداً ليفعلها المدافع ياري مينا وحقق التعادل القاتل.
طمع الكولومبيين في ظل التراجع الانكليزي بدا واضحاً في الأشواط الاضافية ليأتي موريل كمهاجم ثالث ليصبح الرسم التكتيكي 3-4-3، ليرد الانكليز بالصراعات البدنية التي حسمها كل من ماغوير وهاري كين وستونز، ليحتكم الفريقان لركلات الحظ الترجيحية والتي لأول مرّة ابتسمت لإيريك داير ورفاقه.
حققت انكلترا المطلوب وتأهلت من عنق الزجاجة لكنه جاء مع فضائح تكتيكية عديدة ولو أراد ساوثغيت التميّز في هذا المونديال يجب عليه مراجعة الكثير من الأمور التكتيكية خاصّة أن الخصم القادم هو السويد الأكثر تعقيداً.
*عبدالرزاق حمدون. صحفي رياضي مقيم في ألمانيا
اقرأ أيضاً: