بعد الضربات العسكرية الغربية تتطلع ألمانيا والاتحاد الأوروبي إلى مبادرات دبلوماسية جديدة لإنهاء الحرب في سوريا. إلا أن فرص تلك المبادرات تقيمها الصحف الألمانية في غالبيتها بالضعيفة لتحقيق اختراق.
صحيفة “برلينر تسايتونغ” كتبت في هذا السياق تقول:
“جمهورية ألمانيا الاتحادية هي أقوى بلد في الاتحاد الأوروبي، وهي تتحمل بالتالي مسؤولية قيادية لا تقوم على ما يبدو بتفعيلها. فإذا لجأت القوى الكبرى الأخرى إلى حمل السلاح، فبإمكان قوة كبيرة أوروبية موحدة أن ترفع صوت الرشاد والدبلوماسية ـ قبل أن يتم إشعال الصواريخ المقبلة، وفي أحسن الأحوال بالاشتراك مع فرنسا. وسيكون جزء كبير من الرأي العام العالمي بجانبها…وهذا سيعني بصفة ملموسة على سبيل المثال تنظيم اجتماع خاص للمجلس الأوروبي أو على الأقل لوزراء الخارجية بسرعة قبل الهجوم الصاروخي المعلن عنه من قبل دونالد ترامب. وعلى الأقل محاولة إيجاد موقف أوروبي موحد ضد التصعيد العسكري المتجدد… ولكن الحديث عن مسؤولية دون عمل أي شيء هو قليل بالنسبة إلى بلد من أهمية وتطلع ألمانيا”.
صحيفة “رويتلينغر غنرال أنتسايغر” ترسم صورة قاتمة عن الوضع في سوريا، وكتبت تقول:
“بالفعل إنه دوماً من الأفضل البحث عن حل على طاولة المفاوضات عوضا عن ساحة المعركة. إلا أن هذا تم تجربته عدة مرات في سوريا وفي الغالب بدون نجاح. فمن جهة لا ميركل ولا ماكرون لهما مخطط يرسم كيف سينشران السلام في البلاد. والقضايا المركزية تبقى مفتوحة: من سيحكم البلاد؟ ومن سيفرض نظام ما بعد الحرب وسيضمنه؟ والأهم من ذلك هو أنه لا يمكن إحلال السلام إلا إذا اقتنعت أطراف الحرب بأنه لا يمكن لها تحسين مواقفها من خلال ممارسة العنف. ولم يصل الأمر بعد إلى هذه الحالة، لأن الأسد يشعر بأنه قوي. ويظن أنه بوسعه في أرض المعركة إعادة السيطرة. وهذه ليست أرضية انطلاق جيدة لحل سلمي”.
صحيفة “باديشن نويستن ناخريشتن” لا ترى هي الأخرى دوراً لألمانيا في سوريا، وكتبت تقول:
“المشكلة هي أنه ما دامت روسيا وإيران وتركيا لها تصورات متعارضة تماماً بشأن مستقبل سوريا، ولا يمكن لها التوحد، فإن جميع محاولات الوساطة للغرب سيكون محكوم عليها في النهاية بالفشل. وليس هناك حاجة إلى ألمانيا في هذا الإطار لا عسكرياً ولا سياسيًا. فليس لها ما تقدمه سوى الكلمات الرنانة التي تبقى بدون قيمة وتتلاشى بدون إصغاء”.
صحيفة “مركيشه أودرتسايتونغ” من فرانكفورت كتبت تقول:
“الحرب في سوريا حُسمت. فصاحب السلطة الأسد فاز بها ـ بمساعدة قوية من روسيا. ومن خسر هم القتلى والجرحى والمطرودين من البلاد التي دمرتها الحرب. والخاسر أيضاً هي أيضاً دبلوماسية الأزمات الدولية. لا سيما الاتحاد الأوروبي الذي يتفلسف حول مسؤوليته المتنامية في العالم يلوم نفسه بسبب سوريا”.
صحيفة “هاندلسبلات” من دوسلدورف كتبت تقول:
“السؤال الحاسم هو تحت أي ظروف ستكون موسكو مستعدة للتخلي عن حاكم دمشق؟ هل يوجد مجال تفاوض؟ وما هي على كل حال مصالح روسيا؟ الحقيقة هي أن حسابات بوتين الماكرة أتت أكلها. فبتدخلها العسكري في سوريا باتت روسيا ـ في أيام أوباما متهكم بها كقوة متوسطة ـ ليس فقط الفاعل الحاسم في بلاد الحرب الأهلية.
فموسكو تقف في الأثناء بتأثيرها الفاعل على إيران وكذلك تركيا من الناحية السياسية على قدم المساواة مع الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة الأكثر تفجراً في العالم.
لكن هناك حقيقة أخرى هي أن روسيا حققت بالفعل أهم أهدافها في الحرب، لكنها غير قادرة على إعادة بناء البلاد التي دُمرت كلياً تقريباً ـ وليس حتى بدعم شركائها الإقليميين. وإذا أرادت روسيا المزدهرة الاستفادة على المدى البعيد اقتصادياً من التزامها العسكري في المنطقة، فهي تحتاج إلى مساعدة الغرب.
فالفرص إذن أن يتخلى بوتين عن دعم الأسد ليست فعلاً كبيرة، لكنها ليست في حدود الصفر. ويستحق ذلك المحاولة. وتشكيل حكومة انتقالية بمشاركة مجموعات الشعب المختلفة بدون الأسد ـ كما تمت برمجتها في 2012 ـ هي صعبة، لكنها ليست مستحيلة، لاسيما عندما تقترن بمخطط لإعادة البناء. وبالفعل يمكن للاتحاد الأوروبي أن يلعب هنا دورا محوريا”.
المادة منشورة على دويتشة فيله – المصدر: ر.ز/ م.أ.م
اقرأ أيضاً: