شكل ملف الهجرة المقننة والاندماج في المجتمع موضوعاً أساسياً في محادثات تشكيل الائتلاف الحاكم حاليا في برلين بين المحافظين والاشتراكيين. والهدف هو تغطية حاجات المؤسسات الانتاجية في ألمانيا بالأيدي العاملة الماهرة والمتخصصة.
في كثير من المصانع في ألمانيا تبقى وظائف عديدة شاغرة في الوقت الذي يهتم فيه الكثير من الأجانب بإشغال تلك الوظائف. بيد أن اليد العاملة المؤهلة أو المتخصصة التي لا تنحدر من دول الاتحاد الأوروبي مجبرة على تجاوز عدة عقبات في طريقها إلى سوق العمل في ألمانيا. مثل فادي الشماس الذي قدم قبل سنتين إلى ألمانيا، ولكن ليس على الأقدام عبر البلقان، بل على متن طائرة كقوة عاملة مؤهلة. وهو يتكلم بطلاقة الإنجليزية ويتوفر على شهادة في التسويق. وهدفه الكبير كان العمل كخبير كومبيوتر في برلين. إلا أن هذا الحلم تلاشى بسرعة. ” حاولت الحصول على تأشيرة عمل، لكنني أخفقت أمام البيروقراطية بسرعة. عليك تقديم الكثير من الشهادات والوثائق في عدة أماكن. والنظام السائد في سوق العمل لا يمكن فهمه من قبل الأجنبي الذي يصل البلاد للتو. وأحيانا كان لي الانطباع بأن مركز العمل (وكالة العمل) كان يعرقل كل شيء. وهذا كان محبطاً للغاية“.
ورغم التأهل المهني لم يحصل فادي إلا على نصف فرصة عمل بعد سنتين من البحث عن وظيفة والتردد باستمرار على إدارة الأجانب ومكاتب العمل. وبعدها قدم طلبا للجوء لتفادي ولوج الخدمة العسكرية في سوريا، ولكن أيضا لتحسين فرصه في سوق العمل. ويقول فادي بأنه يعرف بعض الأشخاص الذين قدموا طلب اللجوء ليس للحصول على الحماية، بل من أجل فرصة عمل.
الاتحاد الأوروبي لا يكفي
فالأشخاص المؤهلين مهنيا من الخارج مثل فادي يواجهون التعثر، في حين أن الاقتصاد الألماني يحتاج بصفة ملحة إلى مهارات حرفية، لاسيما في المهن التقنية وقطاع الصحة اللذين فيهما نقص ملحوظ. فيدو غايس من معهد الاقتصاد الألماني مقتنع من أن هذا النقص في المهارات الحرفية ستكون له قريبا انعكاسات سلبية على النمو والرفاهية في ألمانيا. “المهاجرون من بلدان الاتحاد الأوروبي ساهموا في خضم حرية التنقل في تأمين اليد العاملة المؤهلة.
لكن الإمكانيات بالنسبة إلى المستقبل تبقى محدودة… ولذلك تحتاج ألمانيا إلى مهارات من بلدان أخرى. ولكن من أجل ذلك نحتاج إلى قانون هجرة عصري”، يقول الخبير الاقتصادي.
يجب بلورة قانون هجرة
منذ 2015 و 2016 عندما تدفق لاجئون بكثرة على ألمانيا يجري نقاش حول قانون للهجرة. وفي اتفاقية التحالف الحكومي الجديد تفاهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب المسيحي الديمقراطي على تبني قانون هجرة يمكن بسهولة من الحصول على تأشيرة عمل في ألمانيا. وفي الوقت نفسه يُراد أن تحصل هجرة اليد العاملة المؤهلة الأجنبية حسب احتياجات الاقتصاد الألماني ومراعاة المؤهلات.
المهارات الحرفية تواجه صعوبات
ومجلس خبراء الجمعيات الألمانية للاندماج والهجرة قيم في تقرير سنوي الطلبات المعلقة على قانون هجرة، وتوصل إلى نتيجة أنه يجب تسهيل الهجرة على القوى العاملة المؤهلة. ويعتبر دانييل تيم من مجلس الخبراء أنه لا يجب في قانون الهجرة المستقبلي فقط مراعاة اللاجئين، وغالبا ما يُنظر إلى الهجرة فقط في إطار هروب أناس من أوطانهم، وليس بأنها في مصلحة السكان الألمان.
فهناك مطالبة بقانون هجرة جديد يسهل القواعد الموجودة من أجل الهجرة، كما أن هناك مطالبة بأن لا يكون قانون الهجرة قضية المشرعين فقط، بل يجب أن يطرح في المجتمع كمادة “لعملية تأمل وإدراك”، يعني أن المجتمع يجب أن يدرك هل تصبح ألمانيا بلد هجرة أم لا.
المصدر: دويتشه فيلة – دانييل بيلوت/ بن كنايت/ م.أ.م
اقرأ أيضاً:
البطاقة الزرقاء الأوروبية: تشريع للهجرة وجذب للكفاءات إلى ألمانيا
ألمانيا تسجل رقماً قياسياً للوظائف الشاغرة آواخر 2017
العمل “بالأسود” يسبب خسائر “بالأحمر” في الميزانية العامة الألمانية لعام 2017