“المدينة ملك لنا!”
“بيتي، ليس ربحك!”
“أنا لا أريد أن أنتقل!”
هذا ما كتب على بعض اللافتات التي حملها البرلينيون المتظاهرون في ساحة Alexanderplatz في الأسبوع الأول من أبريل/نيسان، حين احتج آلاف المتظاهرين من شباب وعائلات وكبار في السن وحتى ملاكين، فيما بدا لقطةً عامة لكل سكان برلين ضد الارتفاع المتسارع لتكلفة الشقق في برلين.
لسنوات عديدة، كانت برلين تعتبر ملاذاً رخيصاً للفنانين والمسافرين. بعد سقوط حائط برلين عام 1989 وإعادة توحيد ألمانيا، ظلت الإيجارات في المدينة أقل بكثير من المدن الألمانية الكبرى الأخرى، ومن عدة مدن في أنحاء أوروبا الغربية.. لكن الأمور تتغير.
ففي السنوات العشر الأخيرة وحدها، ارتفعت الإيجارات الشهرية لأكثر من الضعف ولا نهاية في الأفق، حيث يتوقع أن يستمر النمو السكاني في السنوات القادمة: برلين التي يقطنها حالياً 3.7 مليون شخص، سيتجاوز عدد سكانها الأربع ملايين بحلول عام 2025. لكن على عكس المدن الأخرى، السياسيون والناشطون والسكان في برلين يروجون لحلولٍ جذرية لمعالجة أزمة الإسكان، من ضمنها فرض حظر على أصحاب العقارات الضخمة وتجميد الإيجار.
أفكار ساخنة: فرض الحظر على جبابرة العقارات وتجميد الإيجار
يُمارس الضغط باتجاه فرض الحظر من قبل حملة Expropriate Deutsche Wohnen & Co. التي تأسست العام الماضي احتجاجاً على سلطة Deutsche Wohnen أكبر مالك عقارات في برلين، تمتلك الشركة أكثر من 100.000 شقة في العاصمة وبدأت بفرض زيادات حادة في الإيجار على بعض المستأجرين.
يطالب المشاركون في الحملة بقانون يحظر على أي شركة تأجير تملك أكثر من 3000 شقة من العمل في المدينة. وعلى الشركات التي تملك أكثر من ذلك، مثل دويتشه فونين، بيع الوحدات السكنية الفائضة للمدينة لتحويلها إلى مساكن عامة.
وبحسب قوانين المدينة، يجب جمع 20.000 توقيع للوصول إلى المرحلة الأولى من عملية الاستفتاء الرسمية بفرض الحظر. بمجرد تحقيق ذلك، ستكون هناك حاجة إلى حوالي 170.000 توقيع خلال أربعة أشهر لبدء الاستفتاء.
تجدر الإشارة إلى أن الالتماس الشعبي ليس ملزما للحكومة المحلية في ولاية برلين، ويتعلق فقط بالمطالبة بسن قانون لنزع ملكية شركات العقارات
الأفكار الكبيرة لا تأتي من النشطاء فقط
ومع استمرار مناقشة فكرة تقليص قوة الملاك الضخمين، تقوم مدينة برلين بشراء شقق على أمل بيعها إلى جمعيات الإسكان المحلية. اشترت حكومة المدينة أكثر من 1100 شقة منذ عام 2015 وتتفاوض لشراء حوالي 2600 شقة أخرى.
وفي كانون الثاني (يناير)، اقترح سياسيون محليون من حزب يسار الوسط الديمقراطي الاشتراكي (SPD)، الذي يحكم برلين في تحالف مع حزب الخضر واليسار، تجميد الإيجارات الحالية في المدينة خلال السنوات الخمس المقبلة – وهو اقتراح يُعرف باسمMietendeckel
وقال جوليان زادو، نائب رئيس الاشتراكيين الديمقراطيين في برلين وأحد السياسيين الذين يقفون وراء اقتراح تجميد الإيجارات، إن الإسكان هو “المشكلة الأكبر والأكثر هيمنة في برلين”. وهو يعتقد أن تجميد الإيجار يمكن أن يساعد في تخفيف الضغط على المستأجرين حتى يمكن بناء سلسلة من المساكن الجديدة في المدينة.
الخطط الراديكالية تواجه الانتقادات:
أحد العوائق التي تحول دون حظر أصحاب العقارات الكبيرة هو النفقات المحتملة. فقد تكلف هذه السياسة المدينة ما يصل إلى (36 مليار يورو)، وفقاً لحكومة برلين، وهو رقم مذهل لمدينة تعاني بالفعل من الديون.
وبينما يدعم حزب اليسار الحملة ويتقبلها البعض الآخر من حزب الخضر، فإن أكبر أحزاب البرلمان CDU، والحزب الديمقراطي الاشتراكي SPD، يعارضون ذلك. ومن جهتها ميركل اعتبرتها “الطريقة الخاطئة” لحل مشكلة ارتفاع الإيجارات.
وقال بعض خبراء الإسكان إن تجميد الإيجار “Mietendekel” يمكن أن يثبط البناء الجديد في المدينة، أو يدفع إلى بيع الشقق بدلاً من تأجيرها.
دعم شعبي كبير
سيدعم ثلثا سكان المدينة تجميد الإيجار لمدة خمس سنوات، وفقًا لاستطلاع الرأي الأخير. كما حظي اقتراح تفكيك الشركات المستأجرة الكبيرة أيضًا بالدعم، حيث أيد 44% من سكان برلين الفكرة مقابل 39% يعارضون الخطة، وفقًا لمسح واحد.
تقوم SPD في برلين بمناقشة وصياغة التشريعات المحتملة لتجميد الإيجار لمدة خمس سنوات، على أمل إنهائها هذا الصيف. كما قام الحزب بالفعل بتصفية العقبة الأولى: وجود خبراء يقررون أن المدينة قادرة قانونياً على وضع سياسة الإسكان الخاصة بها. ويبدو أن اقتراح تفكيك الشركات المستأجرة الكبيرة سيحصل على 20 ألف توقيع مطلوب لإطلاق عريضة رسمية لإجراء استفتاء في الأشهر المقبلة.
ورغم أن المقترحات البرلينية جذرية بالتأكيد، إلا أنه من المبكر للغاية معرفة ما إذا كان سيتم تنفيذ أي منها في النهاية. لكن على الأقل تم الوصول إلى مواجهة كانت قائمة منذ فترة طويلة في الخلفية.
اقرأ/ي أيضاً
في مواجهة الارتفاع الجنوني للإيجارات في برلين.. هل تصادر الدولة ملكية الشركات الكبرى؟
شكاوى غالبية الألمان تتزايد بسبب تكاليف السكن المرتفعة
تكاليف السكن لها حصة الأسد من ميزانية الفرد في ألمانيا