علي الوراد. صحفي سوري مقيم في ألمانيا
بدايةً أؤكد على أنه لا تربطني بالمترجم أية صلة أو معرفة مسبقة، وقد أوكل إليه من قبل الموظفين مهمة الترجمة في جلسة الاستماع والتحقق التي أجريتها في أوسنابروك بتاريخ 07.02.1919.
قبيل الجلسة بدقائق تم التعارف على المترجم. ثم همس بأذني: هذه الجلسة إجراء روتيني، وشدد على ضرورة الاختصار بالإجابة، فبقدر ما سأختصر بقدر ما سوف أحصل على نتائج إيجابية. بدأت الجلسة بالتأكد من الوثائق والمعلومات الشخصية، واستغرق ذلك أكثر من نصف وقت الجلسة.. ومنذ البداية راح يستعجلني لكي اختصر.
أثناء تقديمي لبعض الوثائق والشهادات بدأ المترجم يستهجن هذه الوثائق، وخرج عن سياق دوره المهني ليسألني هازئا: “ما قيمة هذه الوثائق الصادرة عن جهات لا قيمة لها بالأصل؟”
تجاهلت سخريته واستأذنته بأن نبقى في سياق أسئلة الجلسة. أسلوبه جعلني أرغب بتغيير المترجم، إن كان ذلك متاحاً، ولكن الوقت شارف على الانتهاء. مماجعلني أرجح لاحقاً، أن رأي المترجم السلبي بالجهات الصادرة عنها تلك الوثائق، قد ساهم بجعلها عديمة القيمة، ولم يتم الأخذ بها جدياً؟!
في نهاية الجلسة، طلب مني توقيع البروتوكول، فعبرت له عن رغبتي بالحصول على نسخة للمراجعة من قبل مترجمين آخرين قبل التوقيع. لكنه استهجن طلبي قائلاً أن كل الناس هنا توقع وهو مجرد إجراء روتيني، ولابد من توقيعك الآن لكي ننتهي. فأخطأت ووقعت لأنني فعلاً تعبت، وطوال الوقت كنت تحت الضغط، برغم معرفتي أن في ذلك انتهاك لحق من حقوقي المكفولة قانونياً.
وتبين لي بعد تدقيق البروتوكول وجود أخطاء، ولا أدري إن كان ذلك بسبب سوء الترجمة أم لسببٍ آخر، حتى أن بعضها يقلب المعنى رأساً على عقب. على سبيل المثال، جاء في سياق الرد على سؤال: ماهي أسباب مغادرتك لبلدك سوريا؟ تبين أنه قد تم حذف كلمة (فقط) التي ذكرتها أثناء الإجابة بالقول “مشكلتي لم تكن مع الأسد ومخابراته، فقط، وإنما مع الأفراد المخبرين وماأكثرهم..” حذف هذه الكلمة معناه أنني لم تكن لدي مشكلة مع الأسد.. ببساطة.
ورد خطأ آخر في تاريخ نشر مقالتي “الفساد طغى وتجبر” بجريدة قاسيون في سوريا، وما تعرضت له من تهديد ببتر اليد بسبب تلك المقالة. رابط المقالة في الانترنت يؤكد ذلك.
كذلك الأمر لدى سؤال ماذا يهددني فيما لو رجعت إلى بلدي، فقد مارس المترجم ضغطاً نفسياً مضاعفاً، وشدد على إنهاء الجلسة فوراً، وعدم استغراق الوقت في أي تفصيل من ذاكرتي المثقلة حقاً. بعد انتهاء الجلسة وأثناء المغادرة، اقترب مني على عجل وطلب سيكارة، وحاول أن يبرر أنه كان يستعجلني لأن الأمر بالنهاية مجرد روتين، وأنه متعب منذ الصباح الباكر، وجائع وقد تأخر عن الذهاب لمنزله .
أشعر الآن بالأسف حيال هذا النوع من المترجمين ومن سوء الأداء وافتقاد النزاهة مهنياً وأخلاقياً، ومن الأثر بالغ السوء، على قضيتي وقضايا العديد من اللاجئين الذين يتوخون الشفافية واحترام القوانين.
ولا أدري إن كانت القوانين الألمانية وآلياتها تضمن لي ولغيري من السوريين التقدم بشكوى ضد هذه الممارسات من قبل بعض المترجمين وقد تكاثروا الآن.
اقرأ/ي أيضاً:
هل تكون الترجمة إلى اللغة العبرية خيانة؟