إعداد ميساء سلامة فولف
في هذه الزاوية نعرّفُ القراء بشخصيات من المهاجرين الذين وصلوا إلى ألمانيا منذ سنواتٍ طويلة، وتمكنوا من إعادة بناء حياتهم ومستقبلهم بعيداً عن أشكال وحدود الانتماء التقليدي، وحققوا نجاحات في مجالاتٍ عديدة، فاحتضنتهم هذه البلاد وصارت لهم وطناً.
المستشارة التربوية كفاح مصاروة: ولدت في قرية باقة الغربية في فلسطين التاريخية والواقعة داخل الخط الأخضر. تنتمي كفاح إلى عائلة تقدمية تهتم بالسياسة والعلم. ومنذ الطفولة زرع والدها ووالدتها بشكل خاص في رأسها الصغير أن على الإنسان أن يسعى ويجتهد دائماً حتى يحصل على أدنى حقوقه.
“في البداية كان اسمي الدافع الأول الذي صقل مسار حياتي، فهو حمّلني مسؤولية الاجتهاد والعمل لأصل إلى المكانة الاجتماعية والمهنية التي ترضيني كابنةٍ لأقلية قومية ولعائلة مهاجرة تعيش في وطنها الأم”.
درستْ كفاح مصاروة المرحلة الإعدادية في مدارس البلدة، ثم حصلت على الشهادة الثانوية بدرجة امتياز من مدرسة الطيرة العلمية. كان حلمها دراسة الحقوق والدفاع عن أبناء شعبها، لكن الحصول على مقعد في كلية القانون كان من التخصصات صعبة المنال لحسابات مختلفة، ولذلك قررت دخول كلية الإحصاء والرياضيات في جامعة حيفا والتي تؤهلها لإجراء الأبحاث الاجتماعية والسياسية التي تخدم شعبها مستقبلاً.
بعد التخرج عملت مدرّسة لفترة من الزمن شعرت بعدها أن مهنة التعليم ليست ما تصبو إليه، فانتقلت للعمل في المجال الاجتماعي وحصلت على فرصة في مؤسسة للنساء العاملات والمتعلمات يبلغ عدد أعضائها مليون امرأة، أصبحت فيها المسؤولة عن روضات الأطفال والمدارس للفتيات المتسربات من التعليم الإلزامي، وعن النوادي التي تعمل على تعزيز مكانة المرأة ومشاركتها الفعالة في اتخاذ القرارات في مجتمعها.
في الوقت نفسه لم تتوقف عن متابعة الدراسة والتطوير الذاتي، فالتحقت بدورات لتعزيز المهارات القيادية ودورات للإدارة المالية وإدارة الشركات، مما أهّلها لتكون أول عربي في الداخل الفلسطيني يحصل على عضوية مجلس إدارة شركة حكومية بشكل عام حيث تم تعيينها في سلطة البريد.
بعد ذلك عملت لسبع سنوات كمديرة لقسم الثقافة -المرأة والشباب في بلدية باقة الغربية. وفي هذه المرحلة سافرت إلى أميركا والتحقت بجامعة School for International Training (S.I.T) in Vermont وحصلت على شهادة في حل الصراعات، عادت بعدها إلى البلاد لتتخصص في جامعة حيفا بفن إدارة المجموعات. وعملت في هذا المجال حتى انتقالها إلى ألمانيا عام 2003 لتتابع هناك دراستها الأكاديمية فحصلت على الماجستير في إدارة الصراعات الثقافية، مما منحها القدرة على فهم وتحليل الصراعات الثقافية، العرقية، الدينية، الجندرية.. إلخ
تعمل كفاح مصاروة الآن مستشارة تربوية في مدرسة ثانوية ألمانية في العاصمة برلين. ورغم أنها ابتعدت نوعاً ما عن تخصصها إلا أنها مازالت ترغب بمتابعة البحث العلمي الاجتماعي، ولهذا تعمل على عدة أبحاث بهدف نشرها في مجلات علمية، بعضها يتناول أسباب التطرف لدى بعض التجمعات الإسلامية في ألمانيا، إضافةً إلى دراسات حول سياسات الهجرة والاندماج في ألمانيا.