مايك كروتزنر Maik D. Krützner
نتائج الانتخابات البرلمانية في ولايتي ساكسونيا وبراندنبورغ دفعت بالكثير من الناس في ألمانيا إلى التساؤل مرةً أخرى عن السبب الذي يدفع مزيداً من الأشخاص إلى عقد آمالهم على حزبٍ يمينيٍ متطرف.
ورغم ما يبدو من أن غالبية ناخبي هذا الحزب هم من سكان مناطق تعتبر مهمشة اقتصادياً وأكثر ضعفاً من غيرها من الولايات، لكن في الحقيقة يمكننا أن نجد أعضاء ومؤيدي حزب “البديل من أجل ألمانيا” في أنحاء البلاد كافة، ولا يمكن حصرهم ببيئةٍ أو محيطٍ اجتماعي محدود. على أية حال فإن المشترك بين جميع ناخبي الحزب هو المخاوف والمشاغل التي تدفعهم فعلياً إلى التحرك.
ويمكن ملاحظة أن جاذبية الحزب تكمن في الاسم بحدّ ذاته. فكلمة “بديل” لم ترد بالصدفة؛ حيث يمثل هذا الاسم من وجهة نظر أعضاء وأنصار الحزب، برنامجاً مضاداً في مواجهة البرامج اليسارية وشبه الموحدة للأحزاب التقليدية.
ما يتكرر دوماً في لغة الحزب ومؤيديه هو الخوف من أن مشاكل الشعب الألماني لا تحظى بالاهتمام الكافي. وغالبًا ما تتم المقارنة بين كيفية تعامل الحكومة مع المهاجرين والمتقاعدين، مع الوهم الواسع الانتشار بأن المهاجرين يعيشون حياة ترف في ألمانيا. وهذا بالضبط ما جعل من “البديل” منصةً للتعبير عن تلك المخاوف، فيما كان الحزب المسيحي الديمقراطي يمثّل هذه المنصة سابقاً.
لكن هناك جوانب أخرى تفسر نجاح حزب البديل . فخلال الانتخابات توجد مشكلة مزمنة في التواصل ما بين الأحزاب التقليدية والشعب. هذه بالذات هي نقطة القوة التي يتمتع بها حزب البديل ؛ فقد جرى تصميم منصات التواصل الاجتماعي للحزب بشكل مثالي ليقدم لمتابعيه المحتوى الذي يرغبون في مشاهدته، لاسيما أنه بالإضافة إلى فقدان الناس الثقة في الأحزاب التقليدية، يمكن ملاحظة فقدانهم الثقة بالإعلام التقليدي، وفي أيامنا هذه لم يعد الإعلام يعتمد دوماً على الوقائع التي فقدت أهميتها بطريقةٍ ما، بل غالباً ما يتوق الناس إلى مزيد من الأخبار التي تؤكد نظرتهم المسبقة للعالم (بغض النظر عن الحقائق).
لعلّ هذه الرغبة تحديداً هي الحاجة التي يقوم حزب البديل بإرضائها بطريقة ناجحة، وبالتالي استطاع إيجاد دائرة للحفاظ على ناخبيه اليائسين من الأحزاب التقليدية، والفوز بأشخاص آخرين يبحثون عن بديل لهذه الأحزاب.
الترجمة إلى اللغة العربية: رلا أمين.
افتتاحيات أعداد سابقة: