يعتبر برونو ألفريد دوبلن من أهم كتاب الحداثة الأدبية في ألمانيا. ولد في العاشر من آب/أغسطس عام 1878 في بولندا، وعندما بلغ العاشرة انتقل مع إخوته للعيش في برلين مع والدتهم. درس الطب وعمل به لكن اهتمامه بالأدب بدأ مبكراً وظل مخلصاً لحبه له حتى نهاية حياته.
أنتج برونو ألفريد دوبلن روايته الأولى وهو في العشرين من عمره (حكاية ليلة- 1915)، لكن نقطة التحول الأدبي الحقيقي في حياته – ونقطة التحول في الأدب الألماني- كانت روايته “برلين، ساحة ألكسندر-1929”. التي تمت إعادة طباعتها 50 مرة في السنوات الأربع الأولى.
كانت أول رواية مخصصة بالكامل لمدينة برلين الذهبية في العشرينيات، في عصر جمهورية فايمار الألمانية (1918-1933). وكانت هذه الجمهورية أول محاولة ألمانية للديمقراطية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وانتهت بصعود هتلر إلى السلطة في عام 1933. كانت فترة ملونة ومتناقضة. أمّ المهاجرون من كل حدب في مدينة برلين، فكانت ثورة أدبية وفنية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة؛ برلين الذهبية التي لن تراها في هذه الرواية!
ملاحقاً لرغبته في دحض المعايير البرجوازية والتي كانت تلازمه منذ دراسته للطب، كتب دوبلن الطبيب في روايته عن برلين عن الناس الذي كان يتعامل معهم من البسطاء والمسحوقين، متسلحاً بفهم عميق للنفس البشرية حكى عن الخاسرين في العصر الحديث، شخوص من المبعدين في أسفل السلم الإجتماعي، ممن يتعين عليهم الدفاع بشجاعة عن القليل جداً مما يملكون. المميز في هذا العمل هو أن هذه الشخصيات “الصغيرة” تحيا بوعيٍ داخلي متمايز، وتعاني بدرامية ووعي كما الشخصيات الكبيرة في كلاسيكيات الأدب العالمي.
“كاتب الأسفلت” يهرب من النازيين
عام 1933، هرب دوبلن من النازيين وكانوا قد لقبوه “كاتب الأسفلت” (من يعيش في قلب المدن الكبرى ويكتب عن ناسها العاديين فيسمي الشوارع والناس والمشاعر والمشاهد بأسمائها). هرب إلى سويسرا ثم فرنسا، وبعدها أمستردام، ومن هناك كتب أعمالاً جدلية ضد النظام النازي. عام 1940 وصل أخيراً إلى الولايات المتحدة. حيث استقر وعائلته في هوليوود، لكن لم يُسمح له بالعمل كطبيب فعمل ككاتب في مجال السينما.
أصبح بشكل متزايد غريباً حتى ضمن جماعته في المنفى، أدار العديد من الأصدقاء ظهورهم إليه عندما ألمح أنه سيتحول من اليهودية إلى الكاثوليكية في عيد ميلاده الخامس والستين. في نوفمبر 1945، كان دوبلين من أوائل من عادوا إلى ألمانيا. لكنه شعر بخيبة أمل من ألمانيا بعد الحرب، فهاجر إلى باريس.
تميزت سنوات برونو ألفريد دوبلن الأخيرة بصعوبات صحية ومالية سيئة، وقوبل عمله الأدبي بإهمال نسبي. ثم في العقود الأخيرة عاد الاهتمام به وأُدرجت روايته “برلين، ساحة ألكسندر” ضمن أهم مئة عمل أدبي على مر العصور.
للاطلاع على شخصيات الأعداد السابقة:
شخصية العدد 50: الفنانة فريدا كاهلو
شخصية العدد 49: بيتر هاندكه.. مسيرة إشكالية توّجت بجائزة نوبل
شخصية العدد 48: مرجان ساترابي.. تصوير روائي لملامح الحياة في “بلاد فارس”