ذهبت جائزة نوبل للآداب للعام 2019 إلى “بيتر هاندكه”، الكاتب والمترجم النمساوي المولود عام 1942 في جريفن في مقاطعة كيرنتن. صاحب سيناريو الفيلم الشهير: السماء فوق برلين، الذي أخرجه “فيم فيندرس” وحصل على عديد الجوائز الأوروبية.
أثار حصول بيتر هاندكه على نوبل ضجة بسبب مواقفه السياسية، وذلك بعد أن نشر “هاندكه” العام 1996 نصاً بعنوان: “رحلة شتوية في أنهار الدانوب وساف ومورافا ودرينا أو العدالة الصربية”، اتهمه النقاد فيه بتبرير جريمة الحرب الصربية، وبعده قام بزيارة “سلوبودان ميلوسوفيتش” في سجنه في لاهاي عام 2004، قبل أن يحضر جنازته خطيباً العام 2006.
اضطرت أسرته خلال الحرب العالمية الثانية للهجرة، باتجاه القسم السوفييتي من برلين الألمانية. وقبل بدء حصار برلين يوينو 1948 هربت أسرته عائدة إلى جريفن.
رحلة هروب أسرة “بيتر هاندكه”، وهو لم يبلغ السادسة من عمره، ونجاحهم في عبور الحدود بطريق غير شرعية في عربة شحن إلى النمسا، كانت أول تجربة مؤثرة من تجارب طفولته. ورغم فقر عائلته، وإدمان والده الكحول، فقد عاش عيشةً ريفية هادئة بالعموم، وصفها بدقة تصويرية في روايته الأولى: الزنابير Die Hornissen.
بدأ هاندكه عام 1961 دراسة القانون في جراتس. هناك تطورت اهتماماته بالأدب، أما السينما فكان لها نصيب يومي من وقته، كتب عنها في إحدى مقالاته: كل حدث في السينما يصبح أكثر وضوحاً، وكل حالة خاصة تصير أكثر تأثيراً في الوعي. الأمر الذي جعله يكتب كثيراً من السيناريوهات، يخرج الأفلام ويشارك في عدة لجان تحكيم.
عام 1963 بدأ يقرأ بعض نصوصه القصيرة في راديو جراتس، وكتب برامج للراديو عن ظواهر أثرت بالجماهير كالبيتلز وكرة القدم. ثم نشر أول نصوصه في المجلة الأدبية manuskripte مسودات، لينضم إلى جماعة جراتس الأدبية العام ذاته.
حتى العام 1968 عاش هاندكه في دوسلدورف، وفيها نشر روايته: البائع المتجول 1967 ومسرحيته: كاسبار التي عرضت لأول مرة 1968 في فرانكفورت بإخراج كلاوس بايمان. ثم انتقل وزوجته الممثلة “ليبغارت شفارتس” إلى برلين حيث ولدت ابنتهما أمينة، وفي العام ذاته اشترك بتأسيس دار نشر فرانكفورت للكتاب. 1970 انتقلت الأسرة إلى باريس قبل أن ينهار الزواج.
في بداية السبعينيات حصل على عدة جوائز كجائزة شيلر في مانهايم، وجائزة جيورج بوشنر من الأكاديمية الألمانية للغة والأدب في دارمشتات. عام 1971 نشرت روايته: جولة بالحصان عبر البودنزيه، وهي من أكثر أعماله نجاحاً في فرنسا.
وبعد أن دخل المستشفى لإصابته بنوبات خوف مرضية واضطرابات في القلب بدأ في 1977 بكتابة يومياته: وزن العالم، نشرت متفرقة حتى 1990.
في العام التالي قام برحلة إلى ألاسكا وعاد عبر نيويورك إلى وطنه. كانت تلك العودة نهاية 1978 أكبر أزمة تهدد مسيرته الأدبية. ففي رسائل تبادلها مع “هيرمان لينتس” وصف الإحباط الذي رافقه لدى كتابة قصته: عودة طويلة إلى الوطن. لينتظر حوالي عشر سنوات قبل أن يكتب قصة السلوفينيين في كيرنتن في روايته الملحمية: التكرار 1986.
للاطلاع على شخصيات الأعداد السابقة:
شخصية العدد 48: مرجان ساترابي.. تصوير روائي لملامح الحياة في “بلاد فارس”
شخصية العدد 47: رفيق شامي.. روي القصص ما بين الحقيقة والخيال
شخصية العدد 46: فاطمة المرنيسي.. تطهير النص الديني من مغالطات المنافقين