هو روائي من أصل تشيكي وواحد من أهم الروائيين الذين كتبوا بالألمانية. ولد في العام 1883 وعاش في ظل الإمبراطورية النمساوية الهنغارية حتى وفاته في العام 1924، شاباً بمرض السلّ الرئوي الذي عانى منه منذ وقت مبكر من حياته.
يعدّ “كافكا” من أهم الذين كتبوا عن مأزق الإنسان في عالم لاعقلاني وفي دول بوليسية قمعية، وواحد من أهم نقاد المنظومة البيروقراطية، والذين امتلكوا فهماً عميقاً للقيود التي تفرضها المجتمعات المعاصرة على الإنسان.
وعلى الرغم من دراسته للحقوق فإنه لم يعمل في المحاماة، بل اكتفى بوظيفة صغيرة في دائرة تعويض العمال، الأمر الذي زاد من فهمه لتأثير البيروقراطية على حياة البشر، وزاد كذلك من شعوره بالعجز عن تحقيق ذاته. وعلى الرغم من كل أعماله العظيمة التي هزّت المشهد الأدبي العالمي وغيّرت وجه الرواية الأوروبية، إلا أنه لم ينشر معظمها قبل وفاته، فقد كان رافضاً للنشر متهيباً منه، ولم ينهِ أياً من رواياته الثلاث المهمة، وأحرق ما يقارب 90 بالمئة من أعماله. وقد نُشر المتبقي منها بعد وفاته على يد صديقه “ماكس برود”، الذي لم يرض أن يتلف هذه الأعمال العظيمة حسب وصية “كافكا”، بل نشرها تباعاً بعد موته. كما أن “كافكا” لم يقدم على الزواج أبداً رغم أنه خطب لمرات عديدة.
يحكي “كافكا” في رواياته بالعموم عن لا عقلانية الديكتاتورية، حيث نشر في العام 1919 قصته الشهيرة “في مستعمرة العقاب” وهي تحكي عن تعذيب أحد السجناء في مستعمرة، كما في روايته “المحاكمة” الصادرة في العام 1925 وروايته “القلعة” 1926. كما يتناول العالم الداخلي للإنسان، وكيف يعيش المرء مكبلاً بسلاسل لا يمكنه فهمها أو تفسيرها.
في أحيان كثيرة لا يمكن للقارئ أن يميّز إن كان “كافكا” يكتب خيال الشخصية الروائية أم أنه وصف لواقع فعلي موجود. ففي العام 1915 نشر “كافكا” قصته الشهيرة التي ترجمت لعديد اللغات: “التحول” أو “المسخ” التي يعتبرها النقاد واحدة من أكثر الأعمال الخيالية تأثيراً في القرن العشرين، وهي تحكي عن بائع يستيقظ ذات صباح ليجد نفسه وقد تحول إلى حشرة قبيحة!
قدّم “كافكا” بالعموم في أدبه صورةً حية لرعبه الداخلي، ولشعوره بالذنب، وحاول إسقاط ذلك على عموم البشر، ففي رسالته الشهيرة إلى والده، والتي نشرت في العام 1949، يوثق اللاعقلانية التي كان يعاني منها في بيت أب مستبد قوي وهو المثقف الحساس الفنان.
دفن جثمان “كافكا” في براغ في يونيو عام 1924، وقد قال عنه الطبيب الذي أشرف على رعايته في أيامه الأخيرة في المستشفى وصفاً يشبهه تماماً: “وجهه كان جامداً صارماً، مترفّعاً، مثلما كان ذهنه نقياً ومتوقداً. وجه ملك من أكثر الأنساب نبالة وعراقة”.
اقرأ أيضاً: