تشتكي الأمهات المهاجرات عبر مجموعات عديدة على وسائل التواصل الاجتماعي من تكرر الاعتداءات على أبنائهن في المدارس، ومن عجزهنّ عن إيجاد طرق ناجعة لمساعدة أولادهن ضمن بيئات جديدة وقوانين مختلفة.
ومن الشكاوى وجود اعتداءات منها ما هو جسدي ومنها ما هو لفظي، ويتفجر الحديث عن هذه المواضيع عندما يكون الاعتداء يحمل في طياته تصرفات ودلالات عنصرية، حيث يكون الموضوع أكثر حساسية. هذا الاعتداء هو ما يسمى تنمر، أو باللغة الإنجليزية Bulling وبالألمانية Mobbing.
ما هو التنمر
هو أي سلوك عدواني تتوفر فيه ثلاثة معايير: التكرار، التعمد، بالإضافة إلى التفاوت بالقدرة البدنية أو العددية. ويوجد خمسة أنماط للتنمر:
- التنمر الجسدي ويشمل الاعتداء والإيذاء الجسدي.
- التنمر اللفظي، الشتم والإهانة والتصغير والتحقير، وقد يظهر على شكل نقد أسلوب الضحية في الملبس أو الاستهزاء بمشكلة صحية ما.
- التنمر العاطفي: غير المباشر (الأكاذيب و الإشاعات) أو الإقصاء والاستبعاد عن المجموعة أي العزل الاجتماعي الذي قد يتناول من يتعاطى مع الضحية أيضاً مما يزيد في عزلته.
- التنمر الجنسي، أي التحرش اللفظي أو الجسدي أو الإيحاءات الجنسية أو حتى المحادثات.
- التنمر المسمى بالبلطجة و هو ما نراه في بلطجة السلطة ضد الشعب بما في ذلك قمع أي احتجاج أو انتقاد (حسب الأخصائية ياسمين عيود).
وغالباً ما يبحث المعتدي عن نقاط ضعف المعتدى عليه ليتنمر عليه من خلالها، كوضع صحي أو تأتأة مثلاً، زيادة أو نقص الوزن، وفي حالات اللاجئين كونه غريب أو لاجىء واستصغار شأنه والسخرية من عدم إتقانه اللغة الجديدة.
طبعاً لابد من التفريق بين المزاح والمشاحنات الطبيعية بين الطلاب والتي قد تنشأ بين طالبين متساويين في القوة الجسدية والنفسية، وبين التنمر الحقيقي الذي يشترط التفاوت وصعوبة الدفاع عن النفس.
نتائج التنمر
مشكلة التنمر أن آثاره على الفرد ليست وقتية أو سطحية، وإنما كبيرة وعميقة وقد تستمر للشيخوخة إذا لم تعالج، ولها انعكاساتها على المجتمع أيضاً.
وتشمل هذه الآثار كل من الشخص المتنمر والذي يمارس عليه التنمر! يصف أحد ضحايا التنمر (م.ح) شعوره بالقول “كنت أكره نفسي، وأكره ضعفي، كنت ألوم نفسي على هذا الضعف وأشتمها لأنني لم أستطع أن أواجهه! المدرسة لم تتدخل، وأنا لم أخبر أهلي بشيء، كانت تراودني أحلام يقظة بأنني صاحب قدرات خارقة وأنني أنتقم منهم جميعاً.
كنت مليئاً بالخوف، خوف من المدرسة، خوف من مغادرة منزلي ومن متنمرين يقطنون حارتي، كنت أغير طريقي حين أراهم.. تمنيت في داخلي أن أقتلهم.
أصبت بالاكتئاب حتى أنني فكرت بالانتحار، خصوصاً عندما كنت في سن المراهقة، إلى أن اتبعت فلسفة معينة في حياتي لأتمكن من متابعة العيش وطورتها لاحقاً”.
م . ح الآن في أواخر العشرينيات من العمر، وعندما سألته عن هذه الفلسفة التي طورها أجابني هي “فلسفة العدمية”، فقد بات يرى كل الأشياء والأشخاص ليسوا ذوي قيمة، ولا يوجد شيء اسمه سعادة في الحياة، لقد جمّد مشاعره وانفعالاته تجاه كل شيء، وبات يواجه أي اعتداء يحصل معه.
خاص أبواب
مواضيع ذات صلة: