نزار ابراهيم. صحفي سوري مقيم في ألمانيا.
يعيش بعض اللاجئين وأسرهم، ممن عُرقلت أوراق لمّ شملهم، سواء في أوروبا أو في الداخل السوري حالة نفسية معقّدة مردّها إلى مستقبل يبدو لهم مجهولاً وحاضر يعيشون معظمه في أجواء موتورة يسودها الترقّب وانتظار المجهول وغيرها من الآثار النفسية التي تجعل من الحياة مهمّة يومية شاقّة.
ولمعرفة دقائق هذه الحالة الشعورية التي يعيشها أُسر لمّ الشمل، تواصلنا، في أبواب، مع الدكتور جاسم المنصور وهو طبيب سوري مقيم في ألمانيا وعضو في الجمعية السورية للصحّة النفسية. يرى الدكتور جاسم أنّ لهذه الفترات الطويلة من الانتظار والترقّب التي تعيشها بعض الأُسر من طلبة لمّ الشمل آثارها السلبية على حياتهم النفسية والاجتماعية؛
“لقد حَسِبَ العديد من اللاجئين أنفسهم قادرين على لمّ شملهم في مدّة زمنية ثابتة ووضعوا خططاً وأهدافاً مستقبلية، إلا أنّ الواقع كان صعباً ومغايراً لتصوّراتهم، خصوصاً وأنّ بعضهم كانت لديه معلومات خاطئة عن اللجوء في ألمانيا، وهذا ما أطال بفترات الانتظار وجلب معه العديد من الضغوط؛ فالأب الذي وعد أسرته بلمّ شمل سريع مثلاً أصبح محلّ شكّ وريبة، وأصبح التوتّر عاملاً شبه يومي في حياة أسرته وحياته، عدا عن أنه أصبح مضطرّاً إلى العمل أو التوفير والتقنين ليرسل المال لعائلته، ما زاد في الضغط”.
ويضيف الدكتور منصور أن نجاح بعض العائلات في السفر دوناً عن الأخرى عامل قد يساهم في زيادة الضغوط على الفرد اللاجئ في ألمانيا أيضاً؛ فيقول في هذا السياق: “نرى بعض العوائل السورية عالقة في الداخل بينما أقارب وأصدقاء هذه العائلة قد لمّ شملهم؛ وهذا ما يدفع بهذه العائلة أو تلك إلى توجيه الاتهامات للأب اللاجئ في ألمانيا، بينما السبب الرئيسي يعود لعوامل كثيرة تتعلّق بالقوانين وأوراق اللجوء وغيرها من الأمور التي لا تقدّرها العوائل العالقة في الداخل”.
لم الشمل.. مصدر للفتور في العلاقة الزوجية
ومن وجهة نظر الدكتور منصور، فإن الشكّ والتوتّر إلى جانب الضغط النفسيّ عوامل ستنعكس بطبيعة الحال على العلاقات الزوجية والأسرية سواء أكان على الصعيد العاطفي أو على صعيد الحياة العائلية المشتركة: “أدّى العيش المنفصل بالزوجين إلى التخلّي عن بعضهما في اتخاذ القرارات اليومية المعنية بشؤون العائلة والأطفال؛ فلم يعد هناك رجوع إلى الآخر في القرار أو تبادل للآراء إلا على مستوى الأمور شديدة الأهمّية، وهذه النقاط أدّت إلى فتور في العلاقة الزوجية وفتور الحبّ بين الزوجين، وإلى زيادة الشكوك والمخاوف من الجانبين، عدا عن شعور الفرد اللاجئ بالاكتئاب والحزن نتيجة عدم تحقيق هدفه في لمّ شمل العائلة”.
ومن تجربته في العمل كاستشاري نفسي للاجئين يقول الدكتور جاسم أنّ هذه الخلافات أودت بالكثير من العائلات السورية إلى التفكك: “للأسف في بعض الأحيان أدّت هذه الخلافات بالزوجين إلى الطلاق، وقد يحدث هذا الطلاق قبل أو بعد وصول العائلة إلى ألمانيا حسب مشاهداتي التي حاولت تلخيصها؛ فالشكّ والترقّب والانتظار جميعها آفات تفتك بالعلاقات الأسرية وتؤدّي إلى الخوف والانسحاب من المجتمع والانفعالات الزائدة والسلوك العدواني الزائد أحياناً، وفي النهاية إلى عدم توفّر الشروط الصحّية لاستمرار العلاقة الزوجية”.
خاص أبواب
اقرأ/ي أيضاً:
الزاوية القانونية: لم الشمل عن طريق الكفالة المالية وفق القانون الألماني