ليليان بيتان – دينا أبو الحسن – نور العجيلي
قامت ألمانيا في عام 2016 بإصلاح قانون الاعتداء الجنسي “لا تعني لا” حيث احتاج القانون فيما مضى إلى الضحايا الذين ثبتت مقاومتهم الجسدية للمعتدين. كان أغلب الجدل السياسي والشعبي في قبل ذلك يدور حول المادة 177 (الإكراه الجنسي والاغتصاب) والمادة 178 (الإكراه الجنسي والاغتصاب المفضي إلى وفاة الضحية) في قانون العقوبات الألماني.
يعرّف الاغتصاب بأنه فعل جنسي من دون تراضٍ متبادل، مع إيلاج فموي أو مهبلي أو شرجي، بينما يعرف الغصب على فعل جنسي بأنه فعل جنسي من دون تراضٍ متبادل لا يحدث أثناءه إيلاج.
*يعد كلا الفعلين جريمة في القانون الألماني (وليس مجرد جنحة).
وقد تم إقرار مشروع القانون بعد مداولات في مجلس الوزراء أدارها وزير العدل هايكو ماس، وذلك يوم 7 تموز-يوليو 2016. (طرحت مواد القانون الثلاث للتصويت كلاً على حدة).
ما هو الجديد في هذا القانون؟
الفعل الجنسي الذي يتضمن الإيلاج، يصنف كاغتصاب أو إكراه جنسي إذا كان دون رضا الضحية الواضح (المادة 177 و178). لم يعد من الضروري أن تبدي/يبدي الضحية مقاومة جسدية، حيث يطبق هنا مبدأ “لا تعني لا”، ومن الكافي رفض الفعل شفهيًا، أو البكاء، أو إظهار أي علامة جسدية تدل على الكرب أو الألم. إذا استغل المهاجم أي ظرف لا تستطيع/يستطيع فيه الضحية الدفاع عن نفسها/نفسه نهائيًا، كحالة الإغماء أو النوم، فهذا أيضًا يصنف كاغتصاب أو إكراه جنسي. كما تنطبق القواعد نفسها على محاولة الاغتصاب أو الإكراه الجنسي، وتتراوح العقوبة القانونية ما بين الحبس لـ 6 أشهر والسجن لـ5 سنوات (حسب خطورة الجريمة).
*وافق جميع أعضاء البرلمان على هذا.
- التحرش الجنسي يصنف للمرة الأولى كجنحة جنائية (أضيفت هذه الفقرة إلى المادة 184). لمس شخص آخر دون موافقته (ودون عنف أو إيلاج، كتحسس جسد شخص آخر مثلاً) لم يكن على قائمة الجرائم الجنسية من قبل. تصل العقوبة القانونية لهذا الفعل إلى الحبس لمدة سنتين، أو غرامة مالية، أو السجن لمدة تتراوح بين 3 أشهر و5 سنوات إذا كان الاعتداء جماعيًا.
* صوت بعض أعضاء المعارضة ضد هذا.
- إذا تمت الجنحة أو الجريمة الجنسية بمساعدة أو تحت حماية مجموعة من الناس، فسوف يتم توجيه الاتهام لكافة أعضاء هذه المجموعة (وقد أضيفت هذه الفقرة إلى المادة 184). أما إذا كانت المجموعة تحاول أساسًا الاعتداء جسديًا على الضحية أو سرقتها، وقام أحد أفراد هذه المجموعة بارتكاب جريمة جنسية، فمن الممكن توجيه اتهام لكافة أعضاء المجموعة ومحاكمتهم جميعًا (حتى لو لم يكن في نية بقية أعضاء المجموعة ارتكاب جريمة جنسية). يمكن اعتبار هذه الفقرة التي أضيفت إلى القانون رد فعل مباشر على حوادث كولونيا، وتصل العقوبة في هذه الحالة إلى الحبس لمدة سنتين.
*صوت بعض أعضاء المعارضة ضد هذا.
كيف تستطيع الضحية إثبات أنها/أنه تعرضت/تعرض للاغتصاب؟
خلال المحاكمة، تعتمد معظم الأحكام التي يصدرها القضاة على أقوال الضحية والمتهم، ومن المهم أن تستطيع الضحية أن تصف بطريقة مفهومة كيف رفضت/رفض الفعل الجنسي. هذا يعني أن عبء الإثبات يقع على الضحية.
وإذا خضعت الضحية لفحص طبي أجراه طبيب أو ممرض، يمكن استخدام نتائج هذا الفحص لإثبات أقوالها، كذلك الأمر إذا وجد شهود على الجريمة أو تم تسجيلها (صور، تسجيل صوتي، فيديو)، حيث يمكن استخدام هذا لدعم مزاعم الضحية.
ما هي النقاط السلبية في القانون الجديد؟
وقعت ألمانيا على اتفاقية اسطنبول (التي وضع مسودتها مجلس أوروبا، لمحاربة العنف ضد النساء والعنف الأسري) منذ خمس سنوات، إلا أن البرلمان الألماني لم يعتمدها بعد. قبل حوادث كولونيا، لم تتخذ الحكومة أي خطوات لمراجعة القوانين الألمانية بحيث تتوافق مع شروط اتفاقية اسطنبول.
*تبدو الحكومة أقل اهتمامًا بضحايا العنف الجنسي، من اهتمامها باتخاذ موقف كرد فعل على حوادث كولونيا.
- قام بعض أعضاء المعارضة بانتقاد الفقرة المتعلقة بالاعتداء الجماعي باعتبارها غير دستورية.
*قد يؤدي هذا إلى إدانة أشخاص بأفعال لم يرتكبوها بشكل مباشر.
- سوف يكون للقانون تأثير مباشر على قانون الإقامة، فإذا أصدرت محكمة حكمها في جريمة جنسية على أجانب، من الممكن أن يرحل هؤلاء الأجانب بشكل أسرع بكثير من قبل، وهذا أيضًا يعد رد فعل مباشر على حوادث كولونيا.
*من الخطير أن يرتبط الاغتصاب مجددًا بالأجانب واللاجئين، في القانون والإعلام وعلى المستوى العام.
وعلى الصعيد ذاته، فقد كان لدى كثير من الدول قوانين أكثر صرامة من ألمانيا، وبعضهم يمتعون الجناة بالحماية، وفي البعض الآخر يستطيع المعتدون تجنب الإدانة عبر الزواج من ضحاياهم.
في فرنـــــسا:
تعتبر قوانين الجرائم الجنسية في فرنسا مشابهةً للقوانين التي أقرها البرلمان الألماني، يعرف مصطلح الاغتصاب بصورةً عامةً ليتضمن النشاطات الجنسية المكرهة من خلال تهديد أو مفاجأة ضحايا هذه الاعتداءات. أما المذنبون والمحكوم عليهم فيواجهون حكمًا بالسجن لمدةٍ تصل إلى 20 عامًا. كما يسمح القانون للأشخاص الذين يتعرضون لمضايقاتٍ جنسيةٍ شفهية بشكلٍ متكرر، أن يفرضوا غرامات مرتفعة على المذنبين، وأن يعرّضوهم للحبس لمدةٍ تصل إلى أسبوعين.
في إيطــــاليـــا:
في عام 1996، وسعت إيطاليا قوانين الجرائم الجنسية لديها لتتضمن الاعتداءات الزوجية، وفي الوقت الحاضر بمكن أن تؤدي اعتداءات الشريك إلى السجن لمدةٍ تصل لعشر سنوات.
في سويسرا:
قامت سويسرا بتقييد مصطلح الاغتصاب بالاختراق المهبلي، أما الاعتداءات الأخرى، فيمكن أن تعرف بالإكراه الجنسي، حيث تعرّف على أنها تجاهل جهود الشخص للمقاومة سواءً جسديًا أو لفظيًا، كما تطبق العقوبة القصوى على جميع المعتدين، وهي السجن لمدةٍ تصل إلى عشر سنوات. كذلك يعتبر الاغتصاب الزوجي جريمةً يعاقب عليها القانون السويسري منذ عام 2004.
في السويد:
ضمن قانون العقوبات السويدي، إذا تم تعرية الناس بدون رغبتهم، فإن ذلك يمكن أن يؤدي لحكمٍ قضائي بالسجن لمدة عامين. كما يعتبر استغلال الأشخاص تحت ظروفٍ قاهرةٍ، اغتصابًا، لأنها تعتبر هذا الشخص بمثابة نائم أو تحت تأثير العقاقير. ومنذ عام 2013 يتضمن الاغتصاب الاعتداءات على الأشخاص الذين لا يستطيعون مقاومة هذا الفعل بسبب الخوف حيث يعرف هذا بالجنس اللاإرادي.
في الولايات المتحدة الأمريكية:
يختلف تعريف مصطلح الاغتصاب الجنسي من ولايةٍ لأخرى. في عام 2014 تم وضع قانون (نعم تعني نعم) في ولاية كاليفورنيا، والذي يتطلب من كلا الشريكين الموافقة الصريحة على الفعل الجنسي. تطبق هذه القاعدة على الطلاب في حرم الجامعات حيث تنتشر فيها الاعتداءات الجنسية بكثرة، كما تم ذكره في السنوات الأخيرة.
في المملكة العربية السعودية:
قامت المملكة العربية السعودية بوضع عقوبة الموت للقائمين بفعل الاغتصاب، على الرغم من صعوبة إدانة الرجال باغتصاب زوجاتهم. كما يتحمل الأشخاص الذين يقومون بالتبليغ عن الاغتصاب المسؤولية أيضًا إذا ما كانوا من المشاركين فعليا بالاغتصاب، فعلى سبيل المثال: تعاقب النساء اللواتي يواعدن الرجال والذين يقومون فيما بعد باغتصابهن، وذلك بالجلد بالسوط.