عبد الرزاق حمدون*
يبدو أن مقولة “ريال مدريد في دوري الأبطال مختلف تماماً بالرغم من تواضع مستواه محلّياً” أصبحت شبه مؤكدة بعد ما قدّم لاعبو الريال يوم أمس أمام باريس سان جيرمان أحد أفضل أشواطهم لهذا الموسم.
انتهت القمّة المنتظرة والمرتقبة هناك في السنتياغو برنابيو بفوز مريح لأصحاب الأرض على ضيفهم الباريسي بنتيجة 3-1، بعد مباراة شهدت الكثير من التقلبات خلال مراحلها لكن خبرة وكلمة الريال العليا في هذه المسابقة مكّنته من الخروج منتصراً وفي أصعب الظروف التي يمر بها أشبال زيدان، بينما أثبت أوناي إيمري مدرّب باريس سان جيرمان أنه هو الحلقة الأضعف في مشروع باريس طويل الأمد بعدما أضاع فرصة الفوز على الريال وفي مدريد ومن كتابة التاريخ الذي كان بمتناول يديه.
سيسجل التاريخ أنه حتى الدقيقة 67 كانت الأمور تجري بما تشتهي سفن رحّالة الأمراء الباريسين، حتى الدقيقة 67 كان كل شيء في مدريد يوحي إلى إنكسار الملكي في عقر داره وكسر شوكته أوروبياً وتضيّق الخناق على زيدان أكثر فأكثر، لكن ما الذي حدث؟
لمحاسن الصدف أن مباراة الأمس كانت في نفس توقيت عيد العشّاق العالمي “الفالنتاين” لذا كان لابُدّ من تبادل الهدايا الرمزية والمعنوية من كلا الفريقين والمدربين”زيدان وايمري”، بداية تلك الهدايا كانت من انتقاء زيدان للتشكيل الذي بدأ به المباراة 4-1-2-1-2 أي 4-4-2 على شكل دياموند بتموضع ايسكو خلف رونالدو وبنزيما، في حركةً أصرّ بها زيدان على كشف عيوب ضيفه في العمق الدفاعي لكنّه نسي أهم نقطة قوّة للباريسين وهي الأطراف؟، أوناي إيمري لم يستوعب الهدية التي قدّمها نظيره الفرنسي بل لاعبوه هم من فهموها، صالوا وجالوا في الملعب وهددوا مرمى نافاس في أكثر من مناسبة.
الهدية الثانية قدّمها النجم البرازيلي نيمار “أغلى لاعب في تاريخ كرة القدم” حيث بالرغم من تقييمه العالي بعد نهاية المباراة إلا أنّ نجم السيليساو أصرّ على أنانيته في معظم أوقات الشوط الأول والتي حالت دون تسجيل باريس لأكثر من هدف، كأنه يقول لجماهير البرنابيو لن يسجل أحداً عليكم اليوم غيري أنا، لكنّ رابيو أوقف حلم زميله بتسجيله لهدف السبق للضيوف!
هدية نيمار للميرنغي ردّها الحكم الإيطالي جيانولكا روتشي باحتسابه ركلة جزاء للريال قبل دقيقة من نهاية الشوط الأول ليسجلها رونالدو، وليدخل الفريقان استراحة بين الشوطين بنتيجة التعادل 1-1.
دخل الفريقان الشوط الثاني بنفس الأسماء دون تغيير يذكر، لكنّ حركة إيمري الكثيرة على دكّة بدلاء باريس جاءت بالضربة القاضية لفريقه بعدما قرر وبشكل مفاجئ عند الدقيقة 67 إخراج إديسون كافاني وتعويضه بالظهير مونيير، تبديل واحد فقط كان كفيلاً بنقل المباراة من معسكر إلى آخر، بهذا التغيير اللامنطقي خسر باريس عدّة نواحي أبرزها فقدان مركز رأس الحربة المزعج لدفاع الريال، ونقل داني آلفيس بهذا التوقيت لمركز الجناح! وإدخال لاعب جديد على مركز الظهير، إخراج كافاني سمح لزيدان بالكشف عن جرأته وإقحام كل من أسينسيو وفاسكيز وغاريث بيل توالياً، وهنا شاهدنا انقلاباً ملكياً على أمراء باريس بقيادة البرتغالي رونالدو الذي أثبت للجميع أنه رجل الحسم في مدريد ليأتي بالهدف الثاني له ولفريقه قبل أن يثبّت زميله مارسيلو الانتصار بالهدف الثالث، لتنتهي عليه القمّة بفرحة عارمة لعشّاق ريال مدريد تبرهن لنا أهميّة هذه المباراة لهم.
يبقى أن نقول أن أوناي إيمري مدرب باريس سان جيرمان خطف الأضواء في قمّة البرنابيو بفشله الذريع وكأنه يقول لزيدان وللجميع أنني لم أتعلم حتى الآن.
*عبد الرزاق حمدون. صحفي رياضي مقيم في ألمانيا