نزار ابراهيم. صحفي سوري مقيم في ألمانيا
تواجه بلدان العالم اليوم، على اختلاف قواها الاقتصادية واعتباراتها العالمية، أزمات اقتصادية حقيقية وتحدّيات ملموسة بسبب تفشّي فيروس كورونا في العالم وتحوّله إلى جائحة منذ مطلع عام 2020 وإلى غاية اللحظة، ما أدّى إلى تعطّل معظم القطّاعات الحيوية لتلك البلدان بما في ذلك التعليم والنقل العام. وليست ألمانيا استثناءً من هذه الدول فهي أيضاً تعرّضت لضغوط اقتصادية وضعت جميع الشرائح الاجتماعية المحلّية منها والمهاجرة في مأزق حقيقي.
ولقد كشف قسم البحوث في شركة Statista المتخصّص بدراسة السوق وإصدار البيانات والاحصائيات الاقتصادية عن الآثار المباشرة لأزمة كورونا على سوق العمل الألمانية وخاصّة فيما يتعلّق بارتفاع معدّلات البطالة في البلاد؛ فيشير التقرير إلى أنّه في أغسطس/ آب 2020 ارتفع معدّل البطالة في ألمانيا إلى 6.4%، وفي مارس/ آذار كان 5.1%. كما وارتفع عدد المسجَّلين كعاطلين عن العمل بأكثر من 45 ألفاً في أغسطس/ آب 2020 مقارنةً بيوليو/ تموز 2020، وارتفع العدد الفعلي للعاطلين عن العمل بنحو 636 ألفاً مقارنةً بالشهر نفسه من العام السابق (أغسطس 2019).
أمّا رئيس وكالة التوظيف الفيدرالية “ديتليف شيل” فقد صرّح بمناسبة المؤتمر الصحفي الشهري في نيورنبرغ بأنَّ: “نسبة البطالة ارتفعت بالمعدّل المعتاد في أغسطس/ آب، كما في يوليو/ تموز، لم يكن هناك ارتفاع إضافي في البطالة مرتبط بأزمة كورونا ، ومع ذلك، فإنّ تأثيرات الوباء على سوق العمل الألمانية لا تزال واضحة للغاية”.
وفي يوليو/ تموز من العام الجاري أعلنت وكالة التوظيف الفيدرالية عن ارتفاع عدد العاطلين عن العمل بمقدار 57000 إلى 2.91 مليون، ما يعني ارتفاع معدّل البطالة في ألمانيا من 0.1 نقطة مئوية إلى 6.3 بالمئة في غضون شهر واحد فقط. ووفقاً لرئيس الوكالة، فإنّ الاستخدام المكثّف للعمل قصير الوقت Teilzeit Job هو الذي منع زيادة أكبر في منسوب البطالة وبالتالي خسارة الوظائف.
وبحسب الوكالة فإنّ 6.7 مليون شخص في ألمانيا عملوا لوقت قصير في مايو/ أيار وحده. أمّا في أبريل/ نيسان فكانوا 6.1 مليون شخص، وفي مارس/ آذار كانوا حوالي 2.5 مليون شخص فقط. ووفقاً للتوقّعات، تمّ الوصول إلى أكبر عدد من العاملين بدوام قصير على الإطلاق في الجمهورية الفيدرالية في مايو/ أيار العام الجاري.
مؤشّرات فعلية على تعافي الاقتصاد الألماني، ولكن!
وهناك مؤشّرات فعلية تؤكّد على أنّ الاقتصاد الألماني إلى تعافي، لا سيّما وأنّ البلاد عادت إلى نشاطها الطبيعي بعد الإغلاق الذي أعلنته بعدَ تفشّي فيروس كورونا في الربع الأوّل من عام 2020.
ولكن ثمّة ما هو مقلق أيضاً بالنسبة لمستقبل العمل في ألمانيا، وخاصّة سياسات البنوك والشركات الكبرى في البلاد، ففي تقرير يعود إلى عام 2019 كشفَ موقع دويتشه فيله DW، عن خطّة أعلن عنها البنك الألماني العريق “دويتشه بنك Deutsche bank” تقضي بتسريح 20 ألف موظّف دفعة واحدة، بعدَ تورّطه في أعمال فساد وغسيل أموال وصفقات استثمارية مشبوهة وخاسرة أوقعته في شبكة ملاحقات قانونية ودعاوى ألحقت به خسائر مالية ومعنوية فادحة.
وفي العام نفسه أعلنت العديد من الشركات الألمانية الكبرى كـ Bayer وSiemens وMcDonald’s وFord DE وغيرها عن خطط تسريح تشمل آلاف الموظّفين والعمال في قطاع الصناعات الإلكترونية والميكانيكية وغيرها من الصناعات الكبرى في ألمانيا.
وعلى الجانب الآخر كشفت دراسة صادرة عن معهد التأهيل وسوق العمل الألماني IAB، على أنّ عملية الأتمتة وإدخال الروبوتات والذكاء الاصطناعي في عملية الإنتاج الصناعي في ألمانيا سيفرض على الشركات الاستغناء عن 1.3 مليون وظيفة في الصناعات المختلفة بحلول عام 2025.
اقرأ/ي أيضاً:
النساء المحجبات في سوق العمل في ألمانيا
قانون الاعتراف بخبرات العمل الأجنبية في ألمانيا
العمل بالأسود في ألمانيا.. وقبضة ربّ العمل المحْـكمة