إعداد ميساء سلامة وولف
في هذه الزاوية نعرّف القرّاء بشخصيات من المهاجرين الذين وصلوا إلى ألمانيا منذ سنواتٍ طويلة، وتمكنوا من إعادة بناء حياتهم ومستقبلهم بعيداً عن أشكال وحدود الانتماء التقليدي، وحققوا نجاحات في مجالاتٍ عديدة، فاحتضنتهم هذه البلاد، وصارت وطناً لهم.
الإعلامي أحمد اعبيدة
ولد في مدينة مراكش المغربية عام 1973. درس اللسانيات في جامعة القاضي عياض وأكمل دراسة الماجستير في جامعة كولونيا غرب ألمانيا. يعمل مقدماً للبرامج ومحرراً في القسم العربي لتلفزيون دويتشه فيله منذ عام 2004. كما أنتج العديد من الأفلام الوثائقية لقنوات دولية منها الجزيرة القطرية.
لم تدر الهجرة إلى خارج المغرب قط بخلد أحمد. كانت أحلامه تنحصر في اتباع مسار أكاديمي في مجال علوم اللغة وفلسفاتها، ينتهي بالتدريس في إحدى الكليات المتخصصة داخل وطنه. بيد أن القدر كانت له مشيئة أخرى.
في عمر الثامنة كان أحمد اعبيدة يتسلل إلى إذاعة مراكش الجهوية التي كانت على الجانب الآخر من شارع بيت أهله. ومن حسن حظه كان حارس المبنى صديقاً لوالده، وكان يفتح له باب الإذاعة خارج ساعات البث ويسمح له بالجلوس وراء الميكروفون. كانت هذه اللحظات تحمل الطفل أحمد الى الحلم الأجمل بأن يصبح مذيعاً ينتقل صوته عبر الأثير. لكن هذا الحلم خفت حتى اندثر تماماً مع الأيام، خاصة بعدما انتقل الأهل للسكن داخل أسوار المدينة القديمة.
أثناء دراسته في جامعة القاضي عياض بمراكش تعرف أحمد على البروفيسور محمد آيت الفران، عالم اللسانيات المتخرج من جامعة هايدلبيرغ الألمانية. وبفضله تعرف إلى اللسانيات الألمانية وإلى فلاسفة اللغة وأعلام الاستشراق الألمان، فقرر تعلم اللغة الألمانية إلى جانب دراسته، وحصل على دبلوم فيها يخوله الحصول على تأشيرة للدراسة في ألمانيا، بالتزامن مع حصوله على الليسانس.
وصل اعبيدة إلى ألمانيا عام 1997 والتحق بدروس اللغة في جامعة دوسيلدورف، ومنها انتقل إلى جامعة كولونيا حيث درس الاستشراق وعلوم التربية إلى جانب دراسته الأساسية في قسم اللسانيات. تخرج عام 2004 وقرر العودة إلى مراكش ليلتحق بقسم الدراسات الألمانية الذي أسسه للتو صديقه البروفيسور آيت الفران.
حتى تلك اللحظة كانت حياته تسير وفق مخطط محكم، حتى التقى بصحفي فلسطيني يعمل في راديو دويتشه فيله بمدينة بون، اقترح عليه إجراء تدريب صحفي في الراديو الألماني العريق بعدما قص عليه أحمد قصته مع الإذاعة الجهوية في مراكش. التحق اعبيدة بالراديو فتجدد في داخله ذلك الحلم الطفولي بقوة جامحة غطت على مخطط العودة. حصل على عقد عمل لمدة سنة في الراديو ببون، وبعدها انتقل إلى قسم التلفزيون في برلين عام 2005. وهناك تعلم فن التصوير وعشق الصورة وبدأ مشوراه في إنتاج التقارير، ومنها انتقل إلى إنتاج الأفلام الوثائقية التي كان بينها “جراح غائرة” و”جمرة التقاعد” وسلسلة أفلام عن علماء عرب في معاهد الغرب لمصلحة الجزيرة الوثائقية
يعمل اعبيدة اليوم مقدماً للبرامج السياسية في التلفزيون الألماني. وبموازاة ذلك يعكف على إنتاج فيلم سينمائي تعود أحداثه إلى بدايات الحرب العالمية الثانية، يوثق كيفية تعايش عائلته مع تلك الحقبة. إنه حلم جديد يراود الإعلامي المغربي، خاصة وأن معظم أحداث الفيلم تدور حول قصة رواها له والده في آخر لقاء بينهما قبل وفاته صيف 2016.
مواد ذات صلة:
بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الكاتب الدكتور ابراهيم محمد
بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – خالد النائب
بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – بيلكان مراد : ضوء قادم من سوريا
بورتريه: مهاجرون في ألمانيا – الكاتب والمترجم أحمد فاروق