رشا الخضراء. إعلامية سورية مقيمة في ألمانيا
بدأت القصة عندما توالت الفعاليات التي يجتمع بها الخطيب مع صديقته، تاركاً خطيبته لتمارس نشاطاتها لوحدها أو مع أصدقاء مختلفين، ربما بسبب أن صديقته تشترك معه في المهنة أو تمر بظروف نفسية صعبة أو ظروف عائلية خاصة، أو…
في البداية كانت الخطيبة متفهمة لطبيعة صداقتهما القديمة، وسبق أن تعرفت بهذه الصديقة ولكنها بدأت تتململ وترى أن الموضوع زاد عن الحد المقبول، وأظهرت انزعاجها لخطيبها ولكنه أكد لها أن الأمر مؤقت وأنها صديقة مهمة. إلى أن طفح الكيل وخيرته الخطيبة بين تلك الصديقة وبينها، وكرجل “شرقي”رفض أن يُفرض عليه شيء، كان قراره فسخ الخطوبة وتفضيل الصداقة على الحب.
التساؤل هنا، أين هو الخطأ أو الصواب؟ هل كان على الخطيبة أن تكون أرحب صدراً لهذا الوضع “المؤقت” أم كان على الشاب أن يراعي حبيبته ويعمل على إشراكها في علاقة الصداقة هذه؟
وهل هناك في الأصل “صداقة بريئة” خالية من التقارب الجسدي والانجذاب الفطري بين الرجل والمرأة؟
قمت بطرح هذا السؤال على كثير من الأشخاص من جنسيات وخلفيات متعددة، أمام وخلف عدستي، لقناتي على اليوتيوب Rasha and Life ، و كانت الأجوبة متفاوتة، وفي الحقيقة، الموضوع معقد له عدة محاور:
أولاً؛ هل هناك صداقة حقيقية بين المرأة والرجل؟
ثانياً؛ ما هو المانع إذا لم يكن الصديقان مرتبطين أن تتطور هذه الصداقة إلى حب وارتباط، ألن يكون هذا هو الرابط الأقوى والبناء الأمتن لشراكتهما؟
ثالثاً؛ في حال وجود صديق أو صديقة مقربة لأحد الشريكين، ألا ينبغي أن يكون هناك حدود لهذه الصداقة واعتبار رغبات وانزعاج الشريك ؟ ومن الذي يرسم هذه الحدود؟
رابعاً؛ هل يؤثر جمال أو جاذبية الأشخاص على تجاوز “حدود الصداقة” خاصة إذا كانوا مرتبطين؟
خامساً؛ ما تأثير البيئة أولا على هذه العلاقات وأيضاً طبيعة وعمر الأشخاص؟
سادساً؛ هل ممكن أن يعود الشريكان صديقين فقط بعد الانفصال؟
كإجابة على المحور الأول صرّح غالبية الأشخاص من أصول غربية بإمكانية الصداقة البلاتونية بين الجنسين وخاصة عندما تبدأ منذ الطفولة حيث يعتاد الأشخاص على ذلك وينظرون للجنس الآخر كإنسان وليس كجنس مغاير ينبغي النظر له بشكل مختلف. وافق على ذلك عدد من الأفراد العرب الذين أبدوا محبتهم لصديقاتهن والتي تختلف عن محبة الشريكة.
في حين كان هناك قسم واضح من الشباب العرب يرفض القصة تماماً سواء كان الأصدقاء عازبين أم مرتبطين، لأسباب دينية أو مجتمعية “العادات والتقاليد”. في حين وضحت إحدى السيدات أنها من حيث المبدأ لا ترى مشكلة في هذه الصداقة لكن غالبية الرجال يتخطون حدود الصداقة التي ترسمها المرأة لهم.
و في تعليقات على المحور الثاني والثالث، علقت بعض الشابات، أنه ما هو لزوم الصديقة المقربة عندما تكون الشريكة صديقة وحبيبة وزميلة وتوأم روح؟ لم قد يكون هناك من هو أقرب منها له؟ ولم لا تصبح الصداقة عائلية في حال لم يكن هناك نوايا خفية؟
وأرى من منظوري الشخصي ومن خلال قصص زواج ناجحة كان ارتباط الزوجين فيها مبنيّ على صداقة متينة تطورت تدريجياً، وبالتالي فإن تطور الصداقة إلى حب وارتباط هو خيار قد نفتح له الباب إذا كان الاصدقاء عازبين أو نحدده ضمن إطار الصداقة فقط إذا كان أحد أو كلا الطرفين مرتبط .
أما بخصوص تأثير الشكل الخارجي على الصداقة، فقد اختلفت الأجوبة ما بين استسخاف الموضوع واتهام من يفكر فيه بالسطحية، وبين الاعتراف بواقعية الطرح!
أما تأثير البيئة فهذا ما يمكن أن نؤكده كأفراد من خلال تغيرنا نحن بعد الهجرة، وتغير منظورنا للأمور وللآخر. إذ يعتاد الانسان ما تربى عليه فيكون هو المقبول ضمن برمجته، إضافةً لتأثير الجموع من حوله ورغبته بعدم الظهور كغريب بينهم وضرورة شعوره بالانتماء.
وأود أن أشير إلى ما ذكره كثيرون من أن الصداقة التي بدأت بعمر الطفولة هي الأكثر نجاحاً في حال اعتبرنا النجاح هنا هو عدم تطور الصداقة إلى تورط عاطفي أو جنسي.
وأظن أن هناك شبه إجماع فيما يتعلق بآخر محور، هل يمكن للمتحابَّين بعد الانفصال أن يعودا أصدقاء؟ أو بعد الاعجاب من طرف واحد أن تتقبل موضوع الصداقة فقط؟ ففي الفترة الأولى، يكون تحقيق هذا الأمر من الصعوبة بمكان بحيث لا يمكن توقع نجاحه بتلك البساطة ولكن مع الوقت وإعادة برمجة العقل فإن الإنسان قادر على التكيف إن أراد وساعدته الظروف.
في الختام أود أن أنوه أن هذا الموضوع مثل أي موضوع إنساني اجتماعي هو موضوع نسبي تتداخل فيه عوامل كثيرة وغير محكوم بخطوط واضحة وفاصلة. الطبائع تختلف والعادات تتغير وفردية وخصوصية الاعتقاد هنا متفاوتة.
تقارير أخرى للإعلامية رشا الخضراء:
مشكلة الارتباط في الغربة.. أمهات يبحثن عن عرائس على الفيسبوك، وفتيات يرفضن التسليع
“في حواليك بيت؟” دور السماسرة في أزمة السكن البرلينية