نور البصري. معلمة مساعدة، تتخصص في مجال معالجة النطق والكلام
تعرض الأهالي كما أطفالهم لضغط نفسي كبير جراء إغلاق المدارس والروضات في ألمانيا في ظل ظروف الإغلاق الراهنة، لاسيما أن الأطفال لا يستطيعون استيعاب السبب في حرمانهم من أنشطتهم المعتادة.
ووجد الآباء والأمهات أنفسهم أمام تحديات جديدة، أهمها مساعدة الأطفال على التأقلم مع نمط الحياة في نظام التعليم عن بعد ومساعدة أطفالهم نفسياً ودراسياً.
تتداول الأمهات في مجموعات التواصل الاجتماعي تجاربهنّ والصعوبات التي يواجهنها مع أطفالهنّ في هذه المرحلة، وقد توصلت للنتائج التالية ضمن استبيانٍ بسيط أجريته معهنّ، حيث اتفقت الكثير من الآراء على صعوبة هذه المرحلة على الطفل أولاً لاسيما من حيث تأثيرها النفسي، وفيما يلي بعض الأمثلة:
تقول السيدة ب.س وهي أم لتوأم في الصف الأول الابتدائي، إنها تعاني من كآبةٍ مستمرة منذ إغلاق المدارس، حيث أن المدرسة تقوم بإرسال الواجبات المدرسية إلى المنزل، وعلى الأم مساعدة أطفالها في حل الواجبات، لكنها تقول: “أنا لا أستطيع توصيل الفكرة والحرف الجديد متل معلمة الصف، وأقضي طيلة اليوم في تدريسهم، علماً أن لدي طفل رضيع، ومسؤوليات منزلية، لذلك أعاني من صعوبات شديدة في هذه المرحلة عدا أن طفليّ التوأم يكادان ينسيان اللغة الألمانية بحكم أنني وأطفالي لا نتحدث سوى العربية في المنزل.
أما السيدة س.ع فلديها ولدان في المرحلة الإعدادية، ولا تستطيع مساعدتهما في الواجبات المدرسية على الإطلاق، “أجد صعوبةً بالغة، بحكم لغتي الضعيفة، ولا يمكنني أن أفهم الكثير من المواد ولا أن أشرحها كما المدرسة”.
اقرأ/ي أيضاً: كورونا في ألمانيا: الولايات الألمانية تتجه نحو إعادة إغلاق المدارس
أم الطفلة ميسون تقول: “ابنتي عمرها خمس سنوات، أصبحت تمضي الكثير من الوقت في غرفتها وهي تبكي بلا سبب، وما عادت تحب ألعابها كما في السابق، وهي لا تتكلم كثيراً لا باللغة العربية ولا الألمانية، حيث أن ابنتي تعاني من تأخر في النطق والكلام، وأخصائي التخاطب والنطق يوصيني بألا أجعل طفلتي عرضة للأجهزة الإلكترونية لأكثر من ساعة يومياً، لذلك اضطررت لمنع مشاهدة التلفاز، والآن لا يوجد مكان آخر تجد فيه التسلية، فما الحل؟
من جهتها تقول السيدة راما، “طفلتي عمرها ٧ سنوات، وهي تمضي الوقت منذ الساعة الثامنة صباحاً وحتى الساعة الواحدة ظهراً أمام الكمبيوتر على التعليم الإلكتروني، أخشى من تأثير ذلك على عيونها وصحتها، كما أنها باتت تعاني من الشرود الذهني وتشتت الانتباه.
القلق من تركيز الأطفال وشرودهم وتأثير الأجهزة الإلكترونية عليهم تتشاركه عدة أمهات، حيث تقول السيدة م.ع إن مستوى أطفالي الدراسي قد تدنى، وأصبحوا قليلي التركيز مع الحركة والصراخ طوال الوقت، وأعاني من ضبطهم وتخفيف سلوكهم أمام الجيران، بالإضافة إلى ضغط الواجبات المنزلية التي أصبحت أكثر مما كانت عليه أثناء التعليم المباشر في المدارس، كما أن استيعابهم أقل.
وعلى النقيض من ذلك، وجدت السيدة مريم الإغلاق إيجابياً، فهي تحب تدريس أطفالها بنفسها وتجد متعةً في وجودهم معها في المنزل طوال الوقت.
من منطلق دراستي في مجال “معالجة نطق وتخاطب الأطفال” وعملي مع الأهالي كمتطوعة مع منظمة دعم الأطفال Jugend Zentrum Sohren، تصلني الكثير من الاستفسارات والشكايات السالفة الذكر، وأستطيع فقط أن أوصي ببعض النصائح للتعامل مع الأطفال في هذه المرحلة:
- علينا أن نشرك الطفل في القرارات وتحميله مسؤولية حماية عائلته ونفسه مما يعزز شعوره بالمسؤولية. على العائلة الاستماع للأطفال ومحاورتهم، وأخذ تساؤلاتهم ومخاوفهم على محمل الجد والإجابة عليها بشكل يناسب قدراتهم.
- أنصح بتطوير بعض قدرات الأطفال باللعب والرياضة ضمن المؤهلات الممكنة لهم، والعمل على تنمية شخصيتهم وتعزيز ثقتهم بنفسهم، ومشاركتهم بعض الأنشطة الترفيهية، ولو على مستوى النزهات العائلية والرياضة والتسالي.
- علينا مساعدة الطفل وعدم مطالبته بالكثير من المسؤوليات، بل محاولة تخفيف التوتر النفسي الناجم عن ضغوط المدرسة والبعد عن الأصحاب، وأخيراً أرى أن نستغل هذه الفترة لتمضية وقت أطول مع الطفل فهو الآن بحاجة أكبر للعواطف والحب وتعويض الحرمان لأن الهدف الأساسي هو تجاوز هذه الأزمة نفسياً وجسدياً.