مشكلة الارتباط في الغربة أمهات يبحثن عن عرائس على الفيسبوك، وفتيات يرفضن التسليع.
من السذاجة أن نعتبر موضوع العلاقات العاطفية و الارتباط موضوع ثانوي. أو نوع من الرفاهية بين القادمين الجدد في بلدان اللجوء. بل على العكس حيث أن غياب المجتمع الداعم ودائرة الحماية أو الراحة تجعل الارتباط حاجةً ملحة. أو على الأقل وجود علاقة أو صداقة عميقة.
إنك تكاد لا تشارك اجتماع لشبان وشابات دون أن يمر الحديث عن الشعور بالوحدة أو الرغبة في الارتباط. أو عن مشاكل العلاقات العاطفية وتعقيداتها من جهةٍ أخرى.
ومن الواضح أن هناك عدة صعوبات بهذا المجال، أولها صعوبة اللقاء الأول. ومن ثم التوافق في ظل الاختلافات والخلافات العميقة بين السوريين، وبينهم وبين ذوي الجنسيات الأخرى. يقال أيضاً أن التفاوت بين عدد الإناث والذكور، والتباعد الجغرافي أيضاً. كما أنه في بعض المدن يكون التلاقي صعباً بسبب غياب النشاطات الاجتماعية والثقافية أو ندرتها.
مشكلة الارتباط في الغربة
من المهم أن نأخذ بالاعتبار أنه ليتمكن الشخص من التواصل مع الآخر وتقبل شخصيته وتفهم احتياجاته ومن ثم تلبيتها، يتوجب عليه أولاً أن يفهم نفسه، وأن يعيد بناء ذاته بعد ما مر به من آثار الحرب واللجوء، ومن ثم محاولات بدء حياة جديدة. وهو أمر قد يستغرق زمناً قد يطول بحسب كل شخص، كما أنه يتطلب خصوصية فردية. كما يعتمد أيضاً على الخلفية الثقافية والاجتماعية وأحياناً الأكاديمية للفرد، ومقدار الذكاء الثقافي الذي يملكه ويؤهله للتعاطي مع الاختلافات الثقافية والانفتاح على العادات المغايرة بتقبل ودون ذوبان أو تخلي عن الأصل.
ولا يمكن تجاهل أن الكثيرين مضطرون للبقاء ضمن إطار العادات المجتمعية السابقة مثل تحكّم أو تدخل الأهل باختيار الشريك، وجود شروط مالية صعبة، وتعقيدات اجتماعية تجعل الارتباط أشبه بصفقة أكثر من كونها حاجة عاطفية ونفسية للطرفين في المجتمع الجديد.
فإذاً يمكن أن نعتبر أن المجتمع السوري يتعامل مع العلاقات العاطفية في الغربة بطرقٍ مختلفة، وهناك قسمٌ ينظر للأمر من منطلق ستر الإناث عن طريق اختيار الزوج الأنسب لهنّ مادياً واجتماعياً. وغالباً ما تتم زيجات كهذه عن طريق الأهل، فتبحث أم الشاب مثلاً ضمن مجموعات الفيسبوك، أو التجمعات النسائية على أرض الواقع، تماماً كما كانت ستفعل في بلادها.
قسمٌ آخر يبحث عن فتاة أحلامه أثناء دورات اللغة أو التدريب المهني، حيث يتم التعارف والحديث وتكون الاحتمالات مفتوحة. وقسمٌ لا يبحث عن الزواج إما لانعدام الاستقرار المادي والمهني، أو لأنه مازال في مرحلة استكشاف الذات، ومنهم من يكتفي بعلاقات عابرة، أو علاقات مفتوحة مع أشخاص من جنسيات مختلفة، أما من ينتمي إلى بيئة محافظة فقد يكتفي بعلاقات الصداقة أو زمالة العمل أو الدراسة.
الارتباط بجنسيات أخرى
يجدر بالذكر أن هناك العديد ممن يفضلون الارتباط بأشخاص من جنسيات مختلفة، لعدة أسباب منها المادية المحكومة بشروط اجتماعية. لاشك أن اختلاف الوعي العام، واستمرارية الرض النفسي بعد الحرب، والاختلافات الشخصية والدينية والعلمية والاجتماعية، كلها تساهم في سهولة أو صعوبة الالتقاء بالنصف الآخر.
ويبقى المتغير الأهم من وجهة نظري الخاصة هو نظرة الأنثى لذاتها وتقديرها لإمكانياتها واستقلاليتها، وهذا ما جعل الزواج ليس ضرورة ملحة، وإنما حاجة طبيعية تتطلب توفر الشخص الذي يدعم استقلالها ونجاحها في الدراسة والعمل، ويمكن ملاحظة ازدياد نسبة الفتيات في الجيل الجديد اللواتي يركزن على العمل والتحصيل العلمي مع اعتبار كثرة فرص العمل والدراسة بالتوازي مع تناقص الضغوط الاجتماعية التي تفرض ما يسمى “ستر المرأة بالزواج” أو تعيرها بال”عنوسة”.
وبالتالي لم تعد الفتاة ترى الزواج فرصة للخروج من بيت الأهل ووسيلة ل”يستتها” أو يصرف عليها، ولم تعد مستعجلة لإنجاب الأطفال، بل أصبحت الحاجة هي للدعم العاطفي والنفسي من شريك قادر على بناء علاقة حقيقية بين ندّين وليس أي شيء آخر.
في الفيديو المرفق قمت باستضافة أخصائية التنمية البشرية روعة السمان، لتعطي رأيها في هذا الموضوع، مع فتاة سورية في ألمانية وأخرى في سوريا. https://youtu.be/hjSkVulLgiE
*رشا الخضراء. إعلامية سورية مقيمة في ألمانيا
اقرأ/ي أيضاً: