خاص أبواب – برلين
حاز فيلم “قصة حب سورية” على جائزة اللاجئين في مهرجان “سينما من أجل السلام” المقام سنويًّا خلال شهر شباط/ فبراير في العاصمة الألمانية برلين.
الفيلم من إخراج شون مكاليستر، وهو مخرج بريطاني اعتقلته أجهزة أمن النظام السوري عام 2011، عندما كان في سوريا، حين عثرت معه على تسجيلات لبطلي الفيلم (عامر داوود ورغدة حسن) وهما ينتقدان النظام السوري ويشاركان في التظاهرات ضده.
ويحكي الفيلم قصة زوجين سوريين التقيا قبل عشرين عامًا في سجنٍ لأجهزة الأمن السوري، ويرصد حياتهما مع أولادهما، بعد أن تمكنا من الهرب إلى لبنان ثم اللجوء إلى فرنسا، حيث تابع المخرج تصوير فيلمه الذي امتد لخمس سنوات.
غطّت مدخل قاعة توزيع جوائز المهرجان سترات النجاة التي يستخدمها اللاجئون، إضافةً إلى القارب المطاطي “البلم” الذي نقل مئات المهاجرين إلى أوروبا. وحضر الحفل مجموعة من نجوم السينما ومنهم شارليز ثيرون وناستازيا كينسكي وباريس هيلتون.
بدأت فكرة مهرجان سينما من أجل السلام في برلين منذ العام 2002 على هامش مهرجان برلين السينمائي الدولي. وهو يقدم أعمالاً تسلّط الضوء على حالة الإنسان والقيم الإنسانية. يجمع المهرجان شخصيات عالمية من عالم السينما والإعلام والسياسة والأعمال والمجتمع، ويسعى لنشر معاني السلام والحرية والتسامح في عالم السينما ووسائل الإعلام. عن المهرجان والفيلم، وعن تجربتها فيه وفي الثورة، تحدثت رغدة حسن إلى “أبواب”:
- كيف بدأت قصة الفيلم مع المخرج؟جاء شون مكالستر في بداية عام 2010 الى سوريا بحثًا عن قصة تلخص الكثير من التجارب الإنسانية وتسلّط الضوء على وقفات الضمير في وجه طوفان الفساد والاستبداد، هذا ما يقوله بعد كل عرض للفيلم، بحث كثيرًا في دمشق، إلى أن التقى عامر في حانة في دمشق القديمة، فاكتشف ما لم يكن يتوقعه في حكايتنا وقرر توثيق حياتنا.
- أن يتم تصوير فيلم عن تفاصيل الحياة اليومية هو أمر مرهق للمخرج، ولشخصيات الفيلم أيضًا، كيف كان أثر وجود كاميرا تسجل كل شيء لخمس سنوات في حياتكم كأسرة؟في البداية كنا نضيق ذرعًا من وجود عدسة كاميرا تلاحق أدق تصرفاتنا، وأنا حين خرجت للحرية عام 2011 وكانت الثورة السورية قد بدأت، وجدت شون وكاميرته بانتظاري، كنت أرفض وجود الكاميرا في جلساتنا، ربما يكون رهاب المراقبة والتتبع الأمني سبب غضبي من كاميرا شون، لكن بعد عام اعتدت عليه وعليها واعتبرتها عينه الثالثة. أجل كان أمرًا مرهقًا بالنسبة لي، أما ولدي ريتشارد وهنيبال، وعامر فقد وجدتهم قد اعتادوا عليه ولا يلقون بالاً للكاميرا، شخصيًا كنت أحاول التعرف على روحي خارج الزنزانة، أحاول تعويض الحرمانات والشوق لأولادي، أحاول أن أتنفس الأوكسجين الجديد، أوكسجين الحرية في سوريا!
- كانت فترة تصوير الفيلم من أكثر فترات حياتك تقلّبًا، ومررت بأصعب الظروف، إضافة للتغيرات الهائلة في البلد، كيف التقط الفيلم هذه التغيرات؟
أيًا كانت دقة الكاميرا وبراعة المخرج لن تتمكنا من التقاط تلك تلك المعجزة التاريخية التي أطلقت العنان لتوَهج أرواحنا، لنصعد إلى أحلامنا ونخلق عالم يحتمل وجودنا. هذا الحدث المعجزة أحدث تلك الموجة العملاقة التي استطاعت اقتلاع الصمت “المؤجل” وفتحت بابًا لبدايات جديدة وآفاق ترضخ لرغباتنا، كأنّك فتحت مغارة علي بابا، ووقفت هناك عند دهشة الوقت، كنوز ثمينة، لم نتمكن من التقاطها، تاهت، سُرقت، ونحن مازلنا في جولات البحث عما ضاع، نحاول استرجاعه، هل كان بمقدور أي عدسة أن تسجل هذه اللحظة/الاستثناء؟
- يخبرنا الفيلم عن “قصة حب” أنت أحد بطليها، كيف ترين أنت هذه القصة؟
قصة الحب هذه بدأت في فرع “فلسطين” وقتها كان أخطر جهاز مخابراتي على نشطاء الرأي، في بداية التسعينات، تحت الأرض بين قباحة المكان المشبع برائحة الموت الدم واستحقاق الحياة، استطعنا هزيمة إرادة الاستبداد، انتصرنا على الموت والخوف، والتقينا، تكلمنا طويلا عبر الجدار حد التماهي. توصّف روايتي “الأنبياء الجدد” أجواء تلك العوالم، لأن الرواية حملت رسائلنا المكتوبة في المعتقل كنص يوثق القصة. تلك الرسائل كانت تنقل روحينا من الموات إلى الضوء.
- ما هي أهم التفاصيل التي غابت عن الفيلم برأيك؟ما غاب عن الفيلم، أو بالأحرى ما يزعجني عمومًا وأرفضه دائما: توصيفنا كأننا نسعى لنكون لاجئين، لا أقصد أنا وعائلتي فقط ، أعني كل السوريين، لم يكن هدفنا اللجوء حين كسرنا جدران الخوف والصمت، نحن صوت الحرية. لذلك في زحمة الأحداث والتفاصيل غاب عن الفيلم التعريف بي وبعامر ككاتبة ورسام/فنان تشكيلي، أو تم اهماله. هذا أمر، الأمر الآخر هو أن الرسائل التي حملها الفيلم موجّهة للمجتمعات الغربية، نحن نقرأ الأحداث بطريقة مختلفة عنهم، وأزعم أننا نتجاوزهم في فهم القضايا أو لنا طريقتنا المغايرة في تفسير المشهد الحياتي والسياسي والاجتماعي.