يحاول الكثير من السوريين القادمين حديثًا إلى أوروبا متابعة الحياة من حيث توقفت بهم في أرضهم الأم دون يأس أو انتظار. تجارب كثيرة تلفت الأنظار لسوريين استطاعوا تحويل فكرة اللجوء إلى مشروع يستطيعون من خلاله إثبات أنهم ما زالوا على قيد الحياة وإظهار الصورة الحقيقية للسوري العامل والمثقف الذي يرى نفسه بشكل مغاير لما تراه المجتمعات غير الواعية لحقيقة ما يحدث.
أحد هذه المشاريع برنامج سورمانيا الذي يبث على راديو بي في برلين بالتعاون مع راديو سوريالي. يضم فريق العمل أربعة أشخاص هم ديمة قلعجي معدة البرنامج وبسام داود وروشاك أحمد مقدما البرنامج وعبد الرحمن موسى مهندس الصوت. يبث برنامج سورمانيا على هواء راديو بي يوم الخميس مرتين شهريًا ويعاد بثه يوم السبت اللاحق على راديو سوريالي.
بدأت الفكرة كما تقول روشاك أحمد لأبواب باقتراح من راديو بي حيث عبرت إدارة المحطة الإذاعية عن رغبتها في بث برنامج ناطق بالعربية للقادمين الجدد وتم طرح الفكرة على معدة البرنامج ديمة قلعجي ومقدم البرنامج بسام داود عن طريق بعض الأشخاص الذين قاموا بدور صلة الوصل بين الأطراف. فريق البرنامج بدوره قدم الفكرة إلى راديو سوريالي لتنشأ هذه الشراكة في النهاية.
تقول روشاك “إن ما يجعل العمل ممتعًا وغير معقد تواصل الجمهور الدائم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي مع فريق البرنامج الذين خاضوا التجربة ذاتها منذ وقت ليس ببعيد ولذلك فهم يفكرون بنفس آلية تفكير الجمهور ويعرفون احتياجاته نوعاً ما. يركز البرنامج على مناقشة ما يحدث في برلين ويهم اللاجئين أو القادمين الجدد”، أما بالنسبة للمحظورات التي لا يمكن الحديث عنها فتضيف روشاك “إن البرنامج غير سياسي أصلاً بل هو مساحة للجمهور العربي يستعيد من خلالها عادة الاستماع إلى الراديو باللغة العربية وهو برنامج خفيف يقدم أخبارًا ومعلومات مفيدة ويلبي حاجات الناس من خلال تقديم المعلومات التي يحتاجونها وترجمة الأخبار الموجودة باللغة الألمانية والتي تفيد أو تخص القادمين الذين يعانون من مشكلة اللغة”.
بخصوص المضمون يتفق الفريق على الفكرة والأخبار والضيوف حسب الأهمية وتقوم ديمة بكتابة الحلقة أما إدارتا الإذاعتين فلا تتدخلان بذلك مطلقًا وهكذا فإن الجهد المبذول يختلف من حلقة لأخرى وأحيانًا كثيرة يقوم القائمون على البرنامج بإعداد الكثير من الحلقات مقدمًا، وكل ذلك من خلال الاستعانة بالجمهور ومقترحاتهم.
وعن ما يخطط له فريق البرنامج مستقبلاً أجابت روشاك: “مشكلتنا الحالية هي قصر الوقت المحدد بنصف ساعة كل أسبوعين. نحن نرغب في أن يصبح البرنامج أسبوعيًا أو يوميًا وأن نحظى بالمزيد من الوقت. مستقبلاً نتمنى أن نستطيع التركيز على الجوانب السياسية التي تخص القادمين حديثًا، وأيضًا أن نستطيع الإحاطة بالمزيد من الجوانب الفنية والثقافية”.
التآلف بين أعضاء الفريق له دور كبير في النجاح الذي يحققه البرنامج وفقًا لروشاك وهذا الانسجام يساعدهم على فهم بعضهم البعض والاستماع إلى أحدهم الآخر وتقبل النقد. ولدى سؤالها عن مدى رضاهم عن البرنامج قالت إن الجواب لدى الجمهور الذي يظهر اهتمامًا مهمًا بالبرنامج أما بالنسبة لفكرة اعتماد الجمهور على البرنامج للحصول على كل ما يهمهم أو يساعدهم في المضي قدمًا أجابت بالنفي حيث إن برلين مدينة كبيرة وهم لا يستطيعون الاحاطة بكل شيء خاصة أن العمل يقوم على جهد أربعة أشخاص فقط والوقت المخصص في البث ليس في صالحهم، لكنهم حتمًا يقدمون فائدة ما للجمهور.
تعتبر روشاك نفسها في المكان الصحيح حيث أن المؤسسات الاعلامية الألمانية مستقرة ولا تشكل منابر حكومية كما في البلدان التي جاء العرب منها على حد قولها وهناك مساحة أكبر لحرية الرأي تسمح لها بتعلم أشياء مفيدة ومهمة من تجربتها الإذاعية الأولى وتضيف: “إن ألمانيا بلد يمنح الفرص للجميع شرط امتلاكهم للغة وهي بلد تنصف الموهبة والفكر لكن ذلك ليس مجانيًا بل يحتاج إلى الجهد والعمل”.
روشاك انتقلت إلى هامبورغ حديثًا لتكمل تعليمها في (هامبورغ ميديا سكول). قبل مجيئها إلى هنا كانت تعمل في مجال الأفلام الوثائقية وصحافة الفيديو ومشروعها هو العمل ضمن مؤسسة ألمانية لتكتسب خبرات جديدة تعود بها إلى سوريا مستقبلاً.