باقتراب الحرب في سوريا من عامها الثامن، بدأ العديد من اللاجئين السوريين في ألمانيا التعامل مع حقيقة عدم تمكنهم من العودة إلى بلادهم.
ويسعى اللاجئون في ألمانيا إلى بناء حياة جديدة مؤكدين على تعزيز الطلب على المنتجات سورية الصنع، في محاولة منهم لتسكين ألم الحنين إلى الوطن بشراء قطعة قيّمة من حياتهم الماضية.
ومن بعض هذه المنتجات الشائعة في الوسط السوري ممن قدِموا إلى ألمانيا على مدى السنوات الثلاث الأخيرة، الحلويات والطحينة والمعلبات السورية الصنع، ومعظم الادوات المستخدمة في المطبخ السوري.
ويساهم الطلب المتزايد على المنتجات السورية في إنعاش تدريجي للصادرات السورية إلى ألمانيا التي استقبلت أكثر من نصف مليون لاجئ سوري أي أكثر من أي دولة أوروبية أخرى.
وتظهر الاحصاءات الألمانية الرسمية أن الصادرات السورية إلى ألمانيا قد ارتفعت إلى 15.5 مليون يورو في 2016، وبلغت ثمانية ملايين يورو في الخمسة أشهر الأولى من هذا العام. وهذا يعني أقل بكثير من مستوى الصادرات ما قبل الحرب حينما بلغت صادرات سوريا غير النفطية لألمانيا نحو 100 مليون دولار سنويا.
ونظراً لقلة البيانات المتوفرة عن الاقتصاد السوري في خضم الحرب، لم يتضح بعد مدى تأثير زيادة الطلب على المنتجات السورية بين اللاجئين في ألمانيا وأنحاء أخرى.
بيد أن إحياء السوق السورية في ألمانيا تزامن مع وصول الوضع الاقتصادي في سوريا إلى أدنى مستوياته.
وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي السوري سجل انخفاضاً واضحاً بلغ 61 بالمئة في الفترة من 2011 إلى 2015 لكنه انخفض في 2016 نحو اثنين بالمئة فقط. ويعزو البنك ذلك التحسن إلى تراجع نزوح السكان.
جادة الشمس
في برلين، يطلق على شارع سونن آلي، والذي يعني بالعربية جادة الشمس، اسم ”شارع العرب“ نظراً لمحلاته التي تحمل أسماء عربية، حيث أصبح وجهة رئيسية للاجئين السوريين في العاصمة الألمانية برلين وماحولها.
فالبنسبة للعديد من ممن يتوجهون لشراء حاجياتهم من هذا الشارع، هو “رائحة الوطن وصخبه”
معظم المنتجات السورية قادمة بشكل رئيس من مصانع في مناطق تقع تحت سيطرة النظام وفي محيط دمشق وأيضاً من حلب.
معظم المنتجات يتم نقلها إما بالشاحنات عبر مناطق آمنة نسبياً تقع تحت سيطرة النظام إلى ميناء اللاذقية في الساحل السوري، حيث تحمل على شكل حاويات في السفن المتجهة إلى هامبورغ، أو عن طريق الطائرات القادمة من بيروت.
ومما لا شك فيه أن تلك التجارة أثبتت أنها ساهمت بشكل كبير في مساعدة اللاجئين السوريين الذين يحاولون إنشاء بعض المشاريع في ألمانيا.
حيث أن معظم متاجر الحلويات ومحال البن والمكسرات تحتاج إلى أجهزة ومعدات خاصة يفضلون استيرادها من سوريا لأنها أقل تكلفة، بدلا ً من شرائها في ألمانيا من شركات أوروبية أو تركية.
وليس فقط الأجهزة، وإنما أيضاً جميع المواد والمنتجات التي تضفي على المأكولات تلك النكهة السورية التي ينشدها جميع اللاجئين في ألمانيا.
فالتاجر السوري جلّ مايسعده عندما يخبره الزبائن أن طعامه “يذكرهم بسوريا”.
المصدر: رويترز/جوزيف نصر