زيد شحاثة*
يندر أن تجد عربياً، لم يشاهد مسرحية ” شاهد مشافش حاجة” للمثل المصري الشهير عادل إمام، والتي عرضت في زمن، كان للمسرح فيه رسالة، وكانت الكوميديا حينها حقيقة، وليست تهريجاً رخيصاً أو سخافة ممجوجة، كما نراها في غالب ما يعرض هذه الأيام.
من طريف مواقف تلك المسرحية، دور الشرطي” حسين” الذي يجعل منه ” البطل- عادل إمام” شاهداً صامتاً متفرجاً فقط على ما يدور حوله، ويكتفي بالكتابة وتسجيل ما يقال له أن يكتبه، رغم “الشحن” الذي يمارسه عليه البطل مما يدفعه للانفجار بوجه الضابط الكبير، لكنه بحكم الانضباط الذي “أجبر” نفسه عليه “والتعود” على السكوت، يصل الحافة ولا يجتازها.
رغم ضحكنا وسرورنا وتفاعلنا مع موقف الشرطي” المسكين” الصامت. لكننا كلنا في حقيقتنا يكون “صامتاً متفرجاً” في بعض المواقف، التي تتطلب أن نتكلم، خصوصاً إن كانت تمس حياتنا شخصيةً كانت أم عامةً، بل وحتى لو كانت المواقف تمس حقوقنا ومستقبلنا.
أحياناً يتطور موقفنا، فلا نكتفي بأن نكون شهود زور صامتين، بل ونشارك في التزوير، دون أن تكون لنا منفعة منه، بل نفعلها ونحن مستيقنين أن مشاركتنا تلك ستعود علينا بأسوء الضرر!
بذج أكثر من أن تعد لسلبيتنا الصامتة، فلطالما استقبلنا مسؤولين “فاح” فسادهم، حتى جاوز كل قدرات العطور الفرنسية المستوردة لحسابهم خصيصاً.. وأعدنا إنتخابهم مرة بعد أخرى. أو تقاعسنا عن المشاركة أصلاً بحجة المقاطعة، أو عدم تأثير الصوت الواحد، ونكتفي بان نشتمهم في صفحاتنا الشخصية.. فيالنا من شجعان!
نشاهد من يسرقنا، ويتجاوز على القانون.. بل نخالف القانون بأنفسنا، وبإصرار دائم ومستمر، بحجة أن النظام فاسد، ونحاول سلب حق بعضنا البعض، في أبسط القضايا، حتى في الدور أمام الفرن بحجة أن الدولة فاشلة، وأما إن وفقنا وكنا ممن لا يخالف القانون، فنحن ممن يكتفي بالصمت أو يكتب.. أوَلا أفعلها أنا معكم الأن، وأكتب فقط!
يبدو أن سلبيتنا، ووقوفنا على التل للتفرج، هو أهم سلاح يستخدمه ناهبوا بلدنا ومستقبلنا، ضدنا، ومن الواضح أننا نحن من صنع السلاح وسلمه بيديه على طبق من ذهب لأعدائه، ولا تظهر في الأفق أي مؤشرات أن هذا الحال سيتبدل قريباً.. وسنظل جيلاً يكتفي بالكتابة!
* كاتب من العراق
إقرأ/ي أيضاً: