أرجأ البرلمان اللبناني جلسة تشريعية كانت مقررة اليوم الثلاثاء، وذلك لعدم توفر النصاب الكافي لانعقاد الجسلة، بعدما أقفل آلاف اللبنانيين الطرق المؤدية إلى مجلس النواب.
ومنذ ساعات الصباح الباكر، تجمع المتظاهرون في وسط بيروت بمواجهة عدد ضخم من عناصر القوى الأمنية التي عمدت إلى إقفال كل المداخل المؤدية إلى ساحة النجمة حيث مقر البرلمان. ونفذت وحدات مكافحة الشغب وعناصر من الجيش انتشاراً غير مسبوق غداة دعوة المتظاهرين إلى قطع الطرق لمنع النواب من الوصول إلى الجلسة.
ولم يتمكن عدد كبير من النواب من الوصول وحضر اثنان منهم على دراجات نارية. وبعدما بدا واضحاً تصميم المتظاهرين على عرقلة الجلسة، أعلنت كتل رئيسية مقاطعتها، أبرزها كتلة المستقبل برئاسة الحريري وكتلة الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة النائب السابق وليد جنبلاط، والقوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع.
ولم يكتمل النصاب المطلوب لانعقاد الجلسة التي كان يُفترض أن تبدأ بانتخاب أعضاء هيئة المجلس واللجان النيابية قبل أن تتحول إلى تشريعية. فأعلن الأمين العام لهيئة مكتب مجلس النواب عدنان ضاهر إرجاء الجلسة “إلى موعد يُحدد في ما بعد”.
واحتفل المتظاهرون في وسط بيروت بإرجاء الجلسة، معتبرين ذلك بمثابة “انجاز جديد” لهم. وقرعوا على الطناجر وألواح حديدية ابتهاجاً مرددين “ثورة، ثورة” و”يسقط يسقط حكم الأزعر”.
وهذا هو التأجيل الثاني خلال أسبوع تحت ضغط الشارع الذي يرفض أن يقوم النواب بالتشريع ويطالب بتشكيل حكومة من اختصاصيين لا تضم أياً من الوجوه السياسية الحالية.
من جهة أخرى، أعادت المصارف اللبنانية فتح أبوابها الثلاثاء وسط حراسة أمنية بعد إقفال قسري خلال الأسبوعين الأولين من الاحتجاجات، ثم إضراب لموظفيها لمدة أسبوع، في ظل أزمة مالية حادة.
وجاء قرار استئناف العمل بعد التوافق مع وزارة الداخلية على خطة أمنية تقضي بنشر عناصر أمن أمام المصارف، وبعد التوافق مع جمعية المصارف على توحيد إجراءاتها لناحية القيود على عمليات سحب الدولار.
“الأولوية” لتشكيل حكومة جديدة
ووقعت صباحاً، وفق مراسلي وكالة فرانس برس، حالات تدافع وإشكالات محدودة بعد محاولة شبان غاضبين إزالة شريط شائك وعوائق حديدية وضعتها قوات الأمن لمنع تقدمهم. وحمل المتظاهرون الأعلام اللبنانية ورددوا هتافات عدة بينها “ثورة ثورة” و”يا عسكر، عسكر على مين؟ عسكر على الشعب المسكين”.
ونقل تلفزيون المؤسسة اللبنانية للإرسال أن موكباً من ثلاث سيارات أطلق النار في الهواء في وسط بيروت في محاولة لتفريق المتظاهرين الذين بادر عدد منهم إلى ضرب السيارة بالعصي محاولين اعتراض طريقها. وسأل شاب غاضب حمل رصاصة بيده “يطلقون الرصاص على المتظاهرين السلميين؟”.
واعترض المتظاهرون على جدول أعمال الجلسة الذي كان يتضمن مشروع قانون عفو عام يستفيد منه آلاف الموقوفين والمطلوبين بجرائم عدة. واعتبروا أن الأولوية حالياً يجب أن تكون لتشكيل حكومة جديدة.
وقالت ليلى على وقع هتافات المتظاهرين حولها في ساحة الشهداء في وسط العاصمة لوكالة فرانس برس “لا نريد العفو العام. نريد تحقيق مطالبنا وأن يشكلوا حكومة بالدرجة الأولى”.
وفي ساحة الشهداء أيضاً القريبة من مقر البرلمان، أكدت مايا (51 عاماً) لفرانس برس “نحن مع تشكيل حكومة مستقلة بأسرع وقت ممكن قبل أن ينهار البلد على رؤوسنا”.
وتحدّثت المفكرة القانونية، وهي منظمة غير حكومية متخصصة بشؤون قانونية وتُعنى بشرح القوانين وتفسيرها، عن إشكاليات عدة متعلقة باقتراح قانون العفو العام الذي قالت إنه يتضمن مخاطر كبيرة كونه يشمل العفو عن جرائم الفاسدين تحت غطاء العفو عن أشخاص لحقت بهم “مظلومية” معينة.
وكان على جدول أعمال الجلسة كذلك، اقتراح قانون بإنشاء محكمة خاصة بالجرائم المالية. ورغم أن الاقتراح يندرج تحت مكافحة الفساد، أبرز مطالب الحراك الشعبي، إلا أن حقوقيين ينتقدونه كونه يعود للبرلمان تعيين المحكمة، ما يشكل مؤشراً على عدم استقلاليتها، بالنسبة لهم.
المصدر: (فرانس برس)
اقرأ/ي أيضاً:
في قراءة سريعة لأحداث لبنان.. هل يستكمل لبنان الربيع العربي؟
لبنان.. ثورةٌ كالحب.. النهاية الحقيقية للحرب الأهلية في قلوب اللبنانيين