في كل موسم يقدم لنا دوري الأبطال سيناريوهات تاريخية، فبعد إقصاء ريال مدريد أمام أياكس الهولندي، يعود مانشستر يونايتد من بعيد وخارج الديار بانتصار تاريخي على باريس سان جيرمان.
لم يُعِد النرويجي أولي سولشاير فريقه إلى سكة الانتصار فقط بل أعاد لهم الليالي الخالدة في بطولة دوري أبطال أوروبا، ومثلما كان بطل مشهد نهائي 99 أمام بايرن ميونيخ، كان أيضاً بطلاً في حديقة الأمراء لكن هذه المرّة من على خط الدكة بقيادته الشجاعة لفريقه المُثقل بالاصابات والمتأخر بهدفين للاشيء بلقاء الذهاب.
شجاعة سولشاير بدأت بمؤتمره الصحفي قبل اللقاء عندما أظهر الروح التنافسية لخصمه وقال إنه سيلعب للفوز وليس لمعادلة النتيجة، وهولم يقف على أطلال الإصابات الكثيرة في الفريق وكلامه كان مفهوماً عند أشباله ليكون موضوع بث روح اليونايتد بداخلهم أسهل بتواجد العرّاب فيرغسون.
بتشكيلة مليئة بالشبّان دخل سولشاير اللقاء وبطريقة لعب امتزجت بين 5-3-2 دفاعياً و 4-2-3-1 هجومياً، مرونة تكتيكية تحسب للمدرب النرويجي في ظل غياب 10 لاعبين أساسيين، وشجاعة تُحسب لمدرب آمن بمجموعته الشابّة، ولم يرمِ المنديل منذ صافرة البداية بل كان هدف لوكاكو في الدقيقة الأولى من ضغط عالٍ واستغلال خطأ المدافع دليل على روح تحدّي الضيوف.
بالرغم من الإصابات قبل اللقاء جاءت إصابة باييلي لتزيد مشاكل اليونايتد وتعقّد الأمور، لكن قرار اشراك دالوت كان جرئياً جداً وجاء بالفائدة الهجومية مع عودة يونغ للمهام الدفاعية، تحدّي اليونايتد الهجومي كان واضحاً حتى في الأرقام حيث سدد في 5 مناسبات كان منها 4 على المرمى، عقلية الهجوم الإيجابي افتقده الفريق في الفترة الماضية.
عدم استغلال باريس مشاكل اليونايتد لإنهاء الأمور مسبقاً صعّب المهمّة على المدرب توخيل لتكون تبديلاته غير محسوبة وأعطى ثقة كبيرة للاعبي اليونايتد مع تقدم وقت المباراة، ومع ركلة الجزاء في الدقيقة الأخيرة تقدّم لها راشفورد بكل ثقة ليصعد بفريقه إلى الدور القادم في سيناريو تاريخي شجاع يُضاف لأرشيف الشياطين الحمر.
عبدالرزاق حمدون. صحفي رياضي مقيم في ألمانيا