نجت رضيعة بأعجوبة من حادث انقلاب قاربٍ أدى إلى مقتل والديها يوم الثلاثاء، وأصبحت بذلك الوجه الجديد لمأساة المهاجرين الذين يتدفقون إلى إيطاليا في قوارب الموت.
ونقلت الرضيعة “فيفور” الأربعاء إلى جزيرة لامبيدوزا الأقرب إلى شواطئ شمال إفريقيا منها إلى إيطاليا، بعد أن غرق والدها ووالدتها الحامل خلال رحلة مأساوية تركت على أجساد العديد من الناجين أثار حروق خطيرة.
وغرق القارب عندما انقلب بسبب تدافع المهاجرين إلى أحد جانبيه عندما شاهدوا قارب نجاة، وهو خطأ متكرر وقاتل أدى إلى كوارث أخرى مماثلة. وكان على متن القارب نحو مئة وعشرين شخصًا بينهم والدا “فيفور” ومعظمهم من مالي ونيجيريا.
وتم نقل الناجين من الغرق إلى مستشفى لامبيدوزا وإلى مركز لاستقبال المهاجرين، وبينهم الصغيرة “فيفور” التي كانت ترتدي قبعة زرقاء. حيث يعمل بترو بارتولو الطبيب الوحيد في الجزيرة على العناية بمئات المهاجرين المصابين بنقص التغذية والجفاف والخوف منذ بدأت أزمة اللاجئين. إلا أن هذه الرضيعة تركت في نفسه أثرًا خاصًا. وقال بارتولو “لقد طلبت أن أتبناها، وأريد أن أبقيها معي إلى الأبد”. وأضاف في مقابلات نشرتها مختلف وسائل الاعلام الإيطالية الخميس، أنه أذا لم يتمكن من الحصول على حضانة الطفلة “فإن على أحدٍ ما أن يتبناها ويمنحها حياة جديدة”. ووصفها بأنها “طفلة رائعة لقد عانقتني، ولم تذرف دمعة واحدة”.
وفي حال حصل الطبيب بارتولو (59 عامًا) على حق حضانة الطفلة، فإنها لن تكون الأولى التي يتبناها، فقد تبنى فتىً تونسيًا كان يبلغ من العمر 17 عامًا قبل خمس سنوات، بحسب ما أوردت صحيفة “لا ستامبا” اليومية.
وأكد الطبيب أن ضم هذه الصغيرة إلى صدره واللعب معها يبعث في نفسه الفرح ويخفف عنه كآبة عمله الذي يضطره إلى التعامل مع الموت بشكل شبه يومين. ويؤكد “عندما يقولون أنك تتعود على الوضع بعد فترة، أجيب أنني لم أتعود عليه مطلقًا، وفي كل مرة أفتح فيها كيس موتى، أشعر بالمرارة”.
ودفعت قصة الطفلة عشرات العائلات الإيطالية إلى الاتصال بعيادة الطبيب في لامبيدوزا لطلب تبني الطفلة. وصرح لصحيفة لا ريبوبليكا “أنهم يتصلون من جميع أنحاء إيطاليا، وهاتف العيادة لا يكف عن الرنين. إنهم يريدون أن يتبنوها، ويتوسلون إلي أن يتمكنوا من تربية هذه الطفلة”.
قال الطبيب بارتولو أنه بينما كان يحتضن “فيفور”، ذكرته نجاتها بمعجزة شفاء امرأة قبل سنوات وضعت في كيس للموتى في لامبيدوزا قبل أن يتم اكتشاف أنها حية، بحسب ما ذكر في مقابلة مع صحيفة “لا ستامبا”
في غضون ذلك تستمر مآسي اللاجئين الذين يريدون العبور إلى أوروبا، فيما يبدو أن طريق ليبيا بات الطريق الأساسي بعد إغلاق طريق البلقان. واليوم الخميس، أعلن متحدث باسم خفر السواحل الإيطالي إن زورقا يقل مهاجرين انقلب في البحر المتوسط وإنه جرى إنقاذ 88 بينما لا يزال عدد الغرقى المحتملين مجهولاً.
وهذا هو ثاني حادث من نوعه خلال يومين. وكان خمسة مهاجرين قد لقوا حتفهم حينما انقلب مركب صيد كبير أمس الأربعاء. وقال المتحدث “لا نعرف عدد من كانوا على متن القارب”، غير أن المنظمة الدولية للهجرة ترجح أن عدد المفقودين يتجاوز المائة.
ولم تتوقف قوارب المهاجرين رغم المخاطر الشديدة لرحلة العبور إلى الشواطئ الأوروبية. فالخميس، أعلن الناطق باسم عملية “صوفيا”، القوة الأوروبية البحرية لمكافحة المهربين، الكابتن أنتونيلو دي رينزي سونينو لوكالة فرانس برس أن حادث غرق جديد الخميس قبالة سواحل ليبيا أوقع ما بين 20 إلى 30 قتيلًا.