ويعتبر نظام الحكم في أي دولة المحدد الرئيس لعلاقة السلطات التنفيذية بالسلطات التشريعية.
فما هي أنظمة الحكم الديموقراطية في العالم؟ وما الفوارق بينها؟
1- النظام الرئاسي:
في هذا النظام من أنظمة الحكم يتم الفصل التام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كما في الولايات المتحدة. وفيه تكون السلطة المطلقة للرئيس، وهو المسؤول الوحيد، والوزراء مسؤولون سياسيًّا أمامه فقط، وليس أمام البرلمان، وتعتبر الولايات المتحدة حاضنة هذا النظام وقد انتهجته منذ وقت طويل.
والنظام الرئاسي الأمريكي، مثلاً، يمكّن كل سلطة من السلطات من الحد من قدرة السلطتين الأخريين على اتخاذ القرارات على نحو منفرد. فالسياسات التي يقترحها الرئيس في الولايات المتحدة مرهونة بموافقة الكونجرس عليها وإصدارها على شكل قوانين. ولا يخرج قانون من الكونجرس حتى يقره مجلسا الكونجرس (النواب والشيوخ) بنفس الصيغة. ولا يصبح القانون نافذًا حتى تتم “الموافقة عليه” من قبل الرئيس.
والسلطة القضائية في الولايات المتحدة الأميركية تتمتع بحق إلغاء القوانين التي يسنها الكونجرس والقرارات التي يصدرها الرئيس إذا وجدت أنها مخالفة للدستور.
وتتألف السلطة التنفيذية في هذا النظام من الرئيس فقط الذي يعمل كرئيس للدولة وللحكومة في الوقت ذاته. فليس هناك رئيس وزراء، والرئيس هو الذي يشكل الحكومة، ويكون الوزراء مسؤولون أمامه ولا يمكن في النظام الرئاسي، الجمع بين عضوية أكثر من سلطة في الوقت ذاته، وبالتالي لا يمكن أن يكون النائب في البرلمان وزيرًا. كما لا يستطيع الرئيس حل البرلمان ولا يستطيع البرلمان إسقاط الرئيس إلا في حالة الخيانة العظمى.
عيوب النظام الرئاسي:
أهم عيوب النظام الرئاسي إعطاء مساحات واسعة من القوة للرئيس، ولا يسمح بتمثيل مختلف الجماعات الموجودة على الساحة، ويؤدي إلى تركيز السلطة وخصوصًا إذا تم تبنيه في دولة غير فدرالية. وعندما يكون هناك حزب واحد فقط يسيطر على الحياة السياسية.
وهناك حالة ثانية خطرة: إذا اختار الشعب الرئيس من حزب ما وانتخب مجلسًا أغلبه أحزاب معارضه، فهذا قد يؤدي إلى شلل الحياة السياسية وعدم القدرة على اتخاذ أية قرارات.
2- النظام البرلماني:
في النظام البرلماني تكون السلطة مركّزة بيد رئيس الوزراء، وهناك دول كثيرة تتبع هذا النظام رغم وجود منصب الملك أو الملكة أو الأمير فيها، كمنصب فخري ورمزي، وفيه يتم دمج السلطتين التنفيذية والتشريعية معًا، وقد نشأ هذا النظام في بريطانيا، وهو الأكثر انتشارًا في العالم حيث يتعدى عدد الدول التي تعمل به عشرين دولة مثل كندا، استراليا، نيوزلندا، والهند، وهي مستعمرات بريطانية سابقة، إضافة إلى دول أخرى تنتهج هذا النظام مثل اليابان والدانمارك والنرويج والسويد وهولندا.
في النظام البرلماني عادة مايكون رئيس الوزراء أو المستشار كما يسمى في بعض الدول الأوروبية، عضوًا في البرلمان ورئيس الحزب صاحب الأغلبية، يشكل حكومة ائتلافية ويختار وزارءه في غالب الأحيان من بين أعضاء حزبه في البرلمان أو من أعضاء الأحزاب المؤيدة له.
وتتوزع السلطة التنفيذية في هذا النظام بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة، فرئيس الدولة أو ملكها عادة ما يمارس سلطات رمزية. وإن كانت بعض الأنظمة البرلمانية تمنح الرئيس إذا تم انتخابه بطريقة مباشرة من الشعب، سلطات فعلية كما في النمسا.
أما إذا كان الرئيس منتخبًا بطريقة غير مباشرة، فإن مهامه تصبح محدودة كما هو الحال في الهند وألمانيا.
وتبقى ممارسة السلطة بطريقة فعلية لرئيس الوزراء أو رئيس الحكومة وللوزراء وتعتبر الحكومة مسؤولة أمام البرلمان فاذا أخطات يترتب عن هذا إمكانية سحب الثقة منها من قبل البرلمان.
عيوب ومزايا النظام البرلماني:
تساعد الأنظمة البرلمانية في الحفاظ على تماسك الدول التي يتصف تركيبها السكاني بالتعددية (قبائل، مذاهب، مناطق، أعراق) لأنها تمثّل مختلف الفئات الاجتماعية .أما سلبيات هذا النظام تتمثل فى إنه قد يركز السلطات في يد رئيس الوزراء، كما أن الرقابة قد تضعف في حالة وجود انضباط حزبي قوي. وقد يؤدي إلى صعوبة في اتخاذ القرار وإلى إضعاف الحكومة في حالة التحالفات المعقدة والى عدم الاستقرار السياسي في حالة عدم حصول أي حزب على الأغلبية.
3- النظام المختلط رئاسي- برلماني:
يأخذ هذا النظام ببعض مميزات النظام الرئاسي وبعض مميزات النظام البرلماني، كما في فرنسا وسويسرا وفلندا والبرتغال.
ويكون فيه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء شريكان في تسيير شؤون الدولة. ويختلف هذا النظام عن النظام البرلماني في أن رئيس الجمهورية يتم اختياره من قبل الشعب.
ويختلف عن النظام الرئاسي في أن رئيس الوزراء مسؤول أمام البرلمان ويمكن للبرلمان محاسبته وسحب الثقة منه.
وقد نشأ هذا النظام في أحضان النظام البرلماني حيث اتجهت بعض النظم البرلمانية المعاصرة إلى تقوية السلطات الضعيفة لرئيس الدولة التي تمارسها عنه الحكومة.
وقد بدأ في فرنسا بدستور 1958 حيث تم العمل لأول مرة بنظام يسيطر فيه الجهاز التنفيذي. ويعتبر الرئيس الفرنسى شارل ديجول أول من وضع هذا النظام، حيث صيغ دستور جديد عرضه على الاستفتاء الشعبي عام 1958 وكان ديجول يرى أن نظام الأحزاب تسبب في فشل الدولة وهذا ما يستدعى إصلاح مؤسسات الدولة. وتم ذلك على مراحل بداية بدستور عام 1958 حتى عام 1962 حيث تم انتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب.
وقد استمر النظام شبه الرئاسي في فرنسا على هذا الحال حتى تم إنهاء هذه الازدواجية، عندما فقد الرئيس فرانسوا متيران الأغلبية اليسارية التي ينتمي إليها في الجمعية العمومية – البرلمان – عام 1986 وهذا ما أجبره على اختيار رئيس وزراء من اليمين هو جاك شيراك. فيما ما عرف بـ ”حالة التعايش”.
وفي مثل هذه الحالة التي لا يحصل فيها الرئيس على الأغلبية يفقد صلاحياته ويترك بعضها للحكومة التي تكون صاحبة المبادرة وتواجه مصيرها مع البرلمان.
مزايا وعيوب النظام المختلط:
من إيجابيات النظام الشبه الرئاسي هو إعطائه الحكومة حق إصدار القرارات التي لها فاعلية القوانين، بشرط موافقة رئيس الجمهورية عليها. ومنحها الحق في اقتراح القضايا التي يجب مناقشتها في مجلس الشعب. ويعطي هذا النظام الحق لرئيس الجمهورية بحل مجلس الشعب، ومن جهة ثانية يمكن للمجلس أن يسحب الثقة من رئيس الوزراء أو من أي وزير آخر.
كما يعطي لرئيس الجمهورية الحق في فرض قانون الطوارئ. والحق في استفتاء الشعب في القضايا الهامة.
وتكون المرجعية الدستورية في هذا النظام لمجلس دستوري له صلاحية مراقبة مدى تطابق القوانين الصادرة من كافة مؤسسات الدولة.
أما عيوب هذا النظام فيظهر أخطرها عندما تتصادم مصالح رئيس الجمهورية مع مصالح رئيس مجلس الوزراء الذى يمثل الأغلبية في البرلمان، وهذا ما عرف بالتعايش فى فرنسا.
ومن المشاكل التي قد تنجم عن هذا النظام أيضًا، استخدام رئيس الجمهورية لحقه في إعلان حالة الطوارئ لسنوات طويلة، وإساءة استخدامه لحق الاستفتاء. وبعض هذه الحالات سائدة في كثير من الدول إلى الآن.
اقرأ أيضاً: