عبود سعيد *
أحياناً أتخيل أن حدثاً صغيراً ممكن أن يغيّر مسار حياتك
مثلاً لو كنت أضع نظارة طبية لما تجرأت صديقتي أن ترفع صوتها في وجهي،
لو أن خالي لم يقنع أبي بأمي السمراء، وتزوج من أخرى، شقراء مثلاً لما لجأتُ للكتابة وربما كنت الآن مسيّر معاملات
كان من الممكن أن أرفق بالحيوانات، لو لم يضع أخي الكبير ” الجطل ” في حقيبتي المدرسية مع كتب القراءة والديانة
كان من الممكن أن أطارد الموسيقى، وأن أضع صورة تريسي شابمان في غرفتي، لولا الأنين والصراخ الذي في المنزل
كان من الممكن أن أتعلم الإنكليزية، أو الفرنسية، أو الألمانية لو كان أبي يجيد التصفيق
كان يمكن أن أتعلم الرقص لولا الرعشة التي خُلقت مع شامتي
كان من الممكن أن أخرج مظاهرة لأطالب بحقوق المرأة، لولا الشقوق العميقة في كعاب أقدام أمي
كان من الممكن أن أتعلم السباحة، لو أن أحدهم، دلني على البحر أو النهر أو البحيرة
كان من الممكن أن ألامس جوهر الشعر، لو أن المطرقة لم تخفِ مسامات كفيّ
كان من الممكن، أن أركض وأن أعبر التلال والأنهار والحقول، وأن أضع القمر في يميني والشمس في يساري، وأن أشتري قطعتين من البسكويت وأضع غيمة بينهما، لو أن الله لم يقل لي: قف! عندما فتحت عيني على هذه الحياة
كان يمكن أن أحفظ أية الكرسي، لو لم يجلس عليه بشار الأسد
كان يمكن أن أحب الحليب لولا مرارة ثدي أمي
كان يمكن أن أضع ساعة في يدي، لو تأخر الوقت قليلاً
كان يمكن أن تنمو براعم الحب في قلبي وتتفتح، لو كان تيار الهواء شديداً وأطفأ قداحة أخي، فتوقف لحظة ليدير ظهره للهواء ويشعل السيجارة لو أنه تأخر قليلاً عن القذيفة.
عبود سعيد: كاتب من سوريا
اقرأ أيضاً