انهارت المفاوضات التي تجريها المستشارة أنغيلا ميركل منذ أكثر من شهر، من أجل تشكيل ائتلاف حكومي إثر الانتخابات التشريعية الأخيرة، وذلك بعد أن انسحب حزب الليبراليين الألمان مساء أمس الاحد 19 تشرين الثاني\نوفمبر، من هذه المفاوضات، رغم الجهود الحثيثة التي بذلتها ميركل يوم الأحد لمنع انهيارها.
وأعلن رئيس “الحزب الديموقراطي الحر” الليبرالي كريستيان ليندنر انسحاب حزبه نتيجة عدم إمكانية إيجاد “قاعدة مشتركة” مع المستشارة، وقال للصحفيين في برلين من “الافضل للمرء أن لا يحكم، عوضاً عن أن يحكم بطريقة سيئة”. مما تسبب في فشل التوصل إلى ائتلاف حكومي.
فقد شكل قرار السماح بدخول أكثر من مليون لاجئ إلى ألمانيا منذ عام 2015، عائقاً كبيراً أمام تشكيل ائتلاف بين الأحزاب السياسية الألمانية.
وكانت الانتخابات التي أجريت في أيلول / سبتمبر الماضي قد تسببت بإضعاف ميركل، حيث فقدت الغالبية المطلقة في البرلمان، إثر انتقال عدد من ناخبيها إلى حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف تعبيراً عن غضبهم تجاه سياسة ميركل فيما يخص اللاجئين.
قضايا خلافية
وكان حزب ميركل “الاتحاد الديموقراطي المسيحي” المحافظ وحليفه البافاري حزب “الاتحاد الاجتماعي المسيحي” قد حاولا إيجاد أرضية مشتركة مع الحزب الديموقراطي الحر وحزب الخضر. إلا أن القضايا الخلافية كثيرة وتبدأ من سياسة الهجرة الى البيئة والأولويات الضريبية وأوروبا.
هذا وقد انتهت المهلة التي حددها زعماء الأحزاب في الساعة 18,00 (17,00 ت غ) من يوم الأحد، كموعد للتوصل الى توافق، بدون تحقيق أي اختراق، ليُعلن لاحقاً فشل المفاوضات. علماً أن مفاوضات الخميس الماضي انتهت أيضاً بدون التوصل الى نتيجة.
وقد يتسبب فشل المفاوضات بإعادة الانتخابات التشريعية مطلع عام 2018. وفي هذه الحال ستجري الانتخابات من دون أن تكون ميركل على رأس الاتحاد الديموقراطي المسيحي.
وقالت صحيفة بيلد “اليوم لا يتعلق فقط بـ(الائتلاف)، لكنّه أيضاً يوم مصيري لأنغيلا ميركل. اذا فشلت في تشكيل ائتلاف، فإنّ منصبها كمستشارة في خطر”.
وقال فرانك ديكير الخبير السياسي في جامعة “بون” لقناة البرلمان الالماني التلفزيونية “فينيكس”، إنّ “من مصلحة ميركل ولادة حكومة، لأن أي فشل سيعني أيضاً انتهاءها” سياسياً.
وكان استطلاع للرأي نشرت صحيفة “دي فيلت” نتائجه الأحد قد أظهر أنّ 61,4 بالمئة من الالمان يعتقدون أنها لا تستطيع أن تبقى في منصبها إذا أخفقت في مفاوضاتها لتشكيل ائتلاف حكومي.
وتُجري ميركل منذ اكثر من شهر مفاوضات شاقة جداً بهدف تشكيل تحالف مع الحزب الليبرالي الديموقراطي ودعاة حماية البيئة (الخضر)، وهو تحالف لم يُختبر في ألمانيا من قبل. وقد شكلت سياسة الهجرة عقبةً رئيسية في هذه المفاوضات.
مستقبل سياسي غامض
وقال الرئيس الألماني فرانك-والتر شتاينماير لصحيفة “فيلت ام سونتاغ” إنه “لا حاجة للبدء باجراء نقاشات تثير الذعر حول انتخابات جديدة”. وأضاف إن “كل الأطراف على دراية بمسؤولياتهم. وهذه المسؤولية تعني عدم إعادة التفويض إلى الناخبين”. وأظهرت نتائج استطلاع للرأي أجرته صحيفة بيلد أن 50% يمن الناخبين الألمان يعارضون إعادة الانتخابات مقابل 47%.
ومن المرجح أن تبدأ الآن مرحلة غموض سياسي كبير في ألمانيا وأوروبا، إذ ينتظر شركاء برلين لمعرفة من سيعمل معهم على مشاريع إنعاش الاتحاد الاوروبي ومنطقة اليورو والتي تُناقش منذ اسابيع.
هذا الموضوع منقول عن وكالة الأنباء الفرنسية أ ف ب.