مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في ألمانيا والمقررة يوم الأحد القادم، يبقى الجميع على امتداد العالم بحالة ترقب شديد لمعرفة، إذا ما كانت ميركل ستتمكن من كسب الرهان مجدداً والفوز بمنصب المستشارية. ويعتبر الكثيرون أن هذه الانتخابات ستكون بمثابة اختبار للرأي العام الألماني حول موضوع اللاجئين، حيث أنه بالرغم من مرور عامين لما أصبح متعارف على تسميته بأزمة اللاجئين في ألمانيا، فإن المجتمع الألماني ما زال منقسماً بشكلٍ واضح تجاه هذا الملف.
في البداية أي في العام 2015، غزت صور المواطنين الألمان المرحبين باللاجئين بحفاوة في محطات القطار، وسائل الإعلام و شبكات التواصل الاجتماعي، على نحوٍ بدا معه أن الأجواء ستكون إيجابية وأن الشعار الذي أطلقته المستشارة ميركل (سننجز ذلك) سيكون قابل للتحقيق. وقد تمكن 200 ألف لاجئ لغاية الآن من الحصول عل عمل، في حين أن إجمالي عدد اللاجئين الذين قدموا إلى ألمانيا منذ عام 2015 وحتى الآن، بلغ 1,09 مليون ممايعني أن العدد الأكبر منهم مازالو في عداد العاطلين عن العمل.
بمرور الوقت بدأنا نشهد العديد من الممارسات المعادية للأجانب، إذ تم حرق المئات من مراكز إيواء اللاجئين وخرجت عدة مظاهرات مناهضة للمهاجرين، خاصةً في المناطق التي كانت جزءاً من ألمانيا الشرقية. ومما لاشك فيه أن أحداث رأس السنة في مدينة كولن وكذلك سلسلة الاعتداءات الجهادية الإرهابية في عدة مناطق، ساهمت بشكل كبير في تغذية مشاعر الكراهية تجاه اللاجئين. بالتزامن مع كل هذا ازدادت حدة الانتقادات الموجهة لميركل حول سياسة الباب المفتوح التي اتبعتها في استقدام اللاجئين، وتحت وطأة هذه الانتقادات التي طالتها حتى من داخل الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه، شددت ميركل على طرد المهاجرين المرفوضة طلبات لجوئهم وكذلك الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية، لكنها بقيت تؤكد أن قرارها كان مبرراً بسبب الوضع الإنساني الكارثي في العام 2015 ورفض السلطات المجرية استقبال اللاجئين على أراضيها.
إن استطلاعات الرأي الحالية تشير إلى أن حظوظ ميركل كبيرة بالفوز بولاية رابعة، وذلك عكساً لتوقعات سابقة كانت تستبعد حصول ذلك. إن تراجع أعداد المهاجرين بعد إغلاق طريق البلقان و كذلك الاتفاق الأوروبي التركي بوقف اللاجئين في الأراضي التركية، قد لعبا دوراً أساسياً في ظهور نتائج الاستطلاعات الأخيرة على هذا النحو، والتي تدل على أن ملف الهجرة لم يعد هو الحاسم في تشكيل الرأي العام الألماني، لا سيما أن أبرز منافسي ميركل هو مارتن شولتز ممثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي دعم ملف الانفتاح على اللاجئين في حكومة الائتلاف الحالية. نفس الاستطلاعات كانت قد بينت، إمكانية حصول حزب (البديل من أجل ألمانيا) اليميني على 10% من أصوات الناخبين و بالتالي سيكسر عتبة ال 4% المطلوب تحقيقها لدخول البرلمان.
بانتظار الأحد القادم سيبقى السؤال مفتوحاً: هل نجحت ألمانيا في التعامل مع ملف اللاجئين؟
مواضيع ذات صلة: