شهد مطلع العام الحالي دخول قانون “تجريم خطاب الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي” في ألمانيا حيز التنفيذ، وهو قانون أقره البرلمان الألماني في نيسان إبريل من العام المنصرم لمواجهة الهجمات التحريضية والمتطرفة، التي يمكن أن تنقلب إلى اعتداءات وأعمال تخريبية وإجرامية بحق الأقليات واللاجئين.
ولعله من أشد القوانين الخاصة بخطاب الكراهية الذي يشمل التشهير والتحريض العلني على ارتكاب جرائم والتهديد بالعنف، ونشر أخبار كاذبة وتعليقات وتغريدات ذات مضامين عنصرية تحض على الكراهية والإساءة إلى الآخرين، وتدعمه سلسلة من الغرامات المالية للأفراد ومواقع التواصل الاجتماعي، تصل إلى 50 مليون يورو وعقوبات تصل إلى السجن.
وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت للقانون المذكور لجهة إنتقاصه من حرية التعبير التي كفلها الدستور الألماني، إلا أن القانون سيبقى على الأرجح سارياً، خصوصاً بعد فشل مفاوضات تشكيل الائتلاف الحاكم بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر الذي كان من أبرز الداعين إلى تغييره.
وفيما يحسب هذا القانون انتصاراً آخر لحقوق اللاجئين والمهاجرين والأقليات وحماية لها، مازلنا نتفاجأ على سبيل المفارقة برؤية الكم الهائل من المخالفات اليومية في المحتوى العربي لوسائل التواصل الاجتماعي، ويخيب الظن عند قراءة تعليقات عدائية على فيسبوك أو تويتر منشورة على صفحات ومجموعات للاجئين في ألمانيا يشجع بعضها على ممارسات مخالفة للقانون وتحرض ضد أشخاص أو فئات وتشهر بهم بحجة انتمائهم إلى تيار سياسي أو طائفي معين، وتزخر بعنف لفظي ضد النساء وبعض فئات المجتمع الأخرى.
فضلاً عن ذلك، تشاع أخبار غير صحيحة حول بعض المسائل الحساسة كقانون الإقامات والترحيل ولم الشمل، ما ينشر القلق والمخاوف بين صفوف اللاجئين. ومع أن صدور القانون كان دافعه الأول التصدي لهجمات الشعبويين واليمين المتطرف، فهذا لا يعني إعفاء الفئات الأخرى من الوقوع تحت طائلته في حال المخالفة، ولا يعتبر اختلاف اللغة ولا جنسية المخالف عذراً مخففاً ولا يمكن أن يكون ذريعة للتهرب من تطبيق القانون.
وختاماً، يبقى لنا التمني بأن يحمل لنا هذا العام التفاهم والانسجام بعيداً عن الكراهية والعنصرية، فبالحوار وحده نتوصل إلى التفاهم فيما بيننا، وهو أيضاً سبيلنا للتفاهم مع مجتمعنا الجديد.
اقرأ أيضاً