ريتا باريش
يحمل الوافدون إلى أي مجتمعٍ جديدٍ في جملة ما يكنزونه من قيمٍ وتقاليد، عاداتهم الغذائية المتمايزة بحسب البيئة والمناخ والموروث الاجتماعي والثقافي والديني بل وحتى باختلاف الذائقة العامة.
وفي بعض الأحيان تشكل هذه الاختلافات عاملَ جذبٍ بين الغرباء الذين قد يدفعهم الفضول أحيانًا للتعرف على الأصناف المتميزة لدى شعوبٍ أخرى.
فغالبًا ما ينشأ الاحتكاك الأول مع المجتمع الجديد، عند التزود بالحاجيات الأساسية اليومية كالطعام، وقد تتباين ردود الأفعال، ما بين الفضول لاكتشاف مذاقاتٍ جديدةٍ، وتجربة منتجاتٍ للمرة الأولى، وبين القلق لدى البعض حول الاستعداد للتغيير، والتخوف من الاطعمة الغريبة المتوفرة، ومدى مواءمتها لذوقه وعاداته وتقاليده.
إلا أن ما لا يختلف بشأنه اثنان، هو شعور الحنين الدائم والمرتبط بما هو مألوف، والرغبة في الحفاظ على الهوية الثقافية، دون أن تكون عبئًا، أو أن تشكل عائقًا أمام الاندماج مع المجتمع المضيف، والتأثر والتأثير بعاداته، ومن هنا فإن هدف السطور التالية، هو تعريف الوافدين الجدد بما يمكنهم الحصول عليه من بدائل غذائية صحية، متوافرة وغير مكلفة ولا تتعارض مع ثقافاتهم أو معتقداتهم.
“حواضر” من السوبر ماركت:
من أين أبدأ؟ هناك خمسون نوعًا من الأجبان تستخدم في المطبخ الألماني! كيف لي أن أجربها جميعًا؟ وماذا عن أصناف “المرتديلا” المتنوعة؟ إن ضمنت محتواها، فهل بالضرورة أستطيع أن أضمن كيف سيكون مذاقها؟ أسئلةٌ قد يطرحها القارئ على نفسه حالما تستقبله رفوف السوبرماركت ومنتجاتها باللغة الالمانية، مما قد يسبب الارتباك، أقله عندما يتعلق الأمر بالمفاضلة بين المنتجات وقراءة تعليمات التحضير والمكونات الداخلة في تركيبها. أما الآن، فقد أصبح بالإمكان إعداد عشاءٍ سوريٍ وغير مكلفٍ فقط بما هو موجود على هذه الرفوف وبأرخص محتوياتها:
-اللبنة:
أما اللبن der Jogurt ، فهو متوفر في جميع السوبرماركات إلا أن البديل الأفضل هو اللبن اليوناني الذي لا يتفكك بسهولة عند تعرضه للحرارة أثناء الطهي، ومتاح بسعر معقول. كما يتوفر اللبن التركي لدى محلات البقالة التركية وبعض السوبرماركات.
-الجبنة Der Käse :
نادرًا ما تخلو مائدة من الجبن عند الفطور والعشاء. أما الجبن الأبيض فإن أنواعه المتوفرة في ألمانيا، ليست بتنوع الأجبان الصفراء. فنجد بشكل رئيسي جبن الفيتا أو Schafkäse شافكيزة أي جبن الغنم وهي من الأجبان البيضاء ذات القوام الحبيبي المتفتت. توجد إما بشكل عبوات 150 – 200غ أو علب معدنية اسطوانية محفوظة بالماء المملح سعة 2كغ و5كغ. وكبديل عن الجبن البلدي يمكن الاستعاضة بالموتساريلا الطازجة المعبأة في أكياس والمحفوظة بالماء، بعد إضافة الملح إليها. أما الحلوم أو الحلومي، فهو جبن بات معروفًا ومنتشرًا على نطاق واسع خاصة في أوساط النباتيين لغناه بالبروتين والكالسيوم على حساب الدهون. وتتوفر الجبنة المشللة والمسنّرة المجدولة في بعض محلات البقالة التركية إلا أنها غالية الثمن نسبيًا.
الزيتون Die Oliven:
للزيتون أصناف عديدة تتفاوت في أسعارها. إلا أنه نسبيًا غالي الثمن لكونه مستوردًا من إسبانيا واليونان. فألمانيا بلد لا يسمح مناخه بزراعة الزيتون الذي يشكل مع الزيت Das Olivenöl من أهم المستوردات الغذائية، خاصةً بعد دخول المهاجرين اليونانيين والإيطاليين والبرتغاليين الأوائل، كعمالٍ أجانب إلى ألمانيا واستقرارهم فيها في خمسينات القرن الماضي.
تباع بعض أنواع الزيتون الجيدة بأسعار مرتفعة في الأسواق الأسبوعية، ويمكن شراء مرطبان من الزيتون الأسود أو الأخضر منزوع النوى ومحفوظ بالماء المملح (زيتون تفاحي – Manzanilla) من السوبرماركت بسعر 1 يورو تقريباً لكل 250غ، كما يتوفر لدى محلات البقالة التركية بالأنواع التي نعرفها في منطقتنا (العيطون، جلط).
العسل Der Honig :
يتفاجأ المرء أحيانا برخص أسعار العسل نسبيًا، واقترابها من أسعار المربيات، خاصة إن عرفنا أن سعر الكيلوغرام من العسل الجيد يتراوح مابين 5-6 يورو. السبب يعود إلى المساحات الخضراء من الغابات ومراعي النحل الواسعة في ألمانيا، تدعمها عملية الإنتاج المنظمة. ولا داعي للقلق فالمواد الغذائية مراقبة بشكل صارم، وليس هناك من مجال للغش.
الزبدة:
عندما يتعلق الموضوع بمنتجات الحليب، فالخيارات واسعة إلى حد الإرباك! الزبدة مادة رخيصة في ألمانيا ويميل الناس إلى استهلاكها بشكل كبير، تدهن على كل شطيرة، وهي المادة الدهنية المفضلة للطبخ وصناعة الحلويات خصوصًا لدى الجيل القديم. كما أن استخدام زبدة المارغارين النباتية للقلي عوضًا عن الزيت أمر شائع. هناك زبدة للدهن، وزبدة في قوالب، زبدة بالأعشاب والثوم Kräuterbutter، زبدة مملحة Sauerrahmbutter أو Butter وهي الأكثر شيوعًا، وزبدة للحلويات Süßrahmbutter وهذه الأخيرة تشبه الزبدة التي اعتدنا تناولها.
(يتبع المزيد من “الحواضر” في العدد القادم)
مواضيع ذات صلة: