خاص أبواب- كولونيا
استضافت مدينة كولونيا في الفترة ما بين 5 و 22 أيار-مايو 2016 معرض “سوريا الفن والهروب” في بناء مصفّح باقٍ منذ الحرب العالمية الثانية، بني ملجأ لحماية الناس، أكثر من عشرين فنّانًا قدّموا أعمالهم الفنيّة المتنوّعة بين التشكيل والنحت، وهم: خولة عبد الله، أحمد نفوري، لورين علي، ساري كيوان، زهران العقيل، ليالي العواد، نادر حمزة، محمد لبش، ريما مردم بيك، عمر زلق، سيلكه فورستمايا، بهزاد سليمان، شيفان خليل، حسام علّوم، سمى القطيفان، ذو الفقار شعراني، وائل السكري، مصطفى القطيفان، عمر مروان، ورزان صباغ.
يقول جبار عبد الله وهو أحد المنظمين: “بدأت الفكرة بمبادرة مني ومن الفنان زهران العقيل المقيم في مدينة ميونخ، وبدأنا التواصل، بدأنا بعشرة أسماء ثم بدأ الفنانون يتواصلون معنا للمشاركة إلى أن وصلنا إلى 22 فنانًا، رسمنا الخطة، وآليات الشحن، ثم اعتمدنا مكان المعرض، لما فيه أيضًا من ذكريات حملت الحرب والهروب والمأوى”. يتابع جبار: “المنظمون هم زهران العقيل وهو كما ذكرت فنان تشكيلي، وسيلكا فورستمايا وهي أيضًا فنانة وقد قدمت لنا دعمًا ماليًا بسيطًا، وزوّدتنا بأفكار ودعم لوجيستي، ورسمت من أجل المعرض لوحتين، وهي الألمانية الوحيدة المشاركة في المعرض، بينما ساعدتنا الصحافية والمترجمة الألمانية لاريسا بندر بحجز الصالة وألقت كلمة الافتتاح، كما تبنى أحد الأصدقاء الألمان واسمه “ميخائيل” تكلفة الطباعة والتصوير والانترنت، كما قام بعض الأصدقاء السوريين بتحضير بعض الوجبات من أجل الافتتاح.
رزان صبّاغ، فنّانة تشكيلية سورية من مواليد 1988، تخرجت من كلية الفنون الجميلة في دمشق، شاركت في عدة معارض فنية في سوريا، لبنان، الإمارات، وألمانيا، وتعيش في ألمانيا حاليًا ولكنها لم تستطع حضور المعرض، تقول لأبواب: “عبّرت أعمالي التي شاركت بها عن شعوري بالعجز أمام ما يحدث في بلدي، العجز عن إنقاذ من تبقى، وما تبقى، العجز عن الهروب، وعن البقاء، العجز عن إيقاف كل ذلك الضجيج العالي اللامبالي، المشابه للصمت، واستبداله بعناق أبديّ مع المحبة، وأحتفظ بعجزي الجميل.. عن فقدان الامل”.
من جهته، يقول حسام علّوم، الفنان السوري المقيم في تركيا، والذي حققت لوحته “سورياليزا” شهرة كبيرة حتى قبل أن تجف ألوانها، يقول لأبواب عبر اتصال هاتفي: “بالتأكيد يفقد العمل كثيرًا حين لا يكون صاحبه في مكان المعرض، لا يمكن للجمهور أن يسأل، أو أن يتفاعل مع الفنان، يغدو العمل يتيمًا، ويعيش حالة غربة إضافية على غربة صاحبه، كنت أتابع المعرض من الصور التي ينشرها الشباب على فيسبوك”. الهويّة عند علّوم هي أن نكون صادقين مع أنفسنا، ويرى نفسه يعيش في ما سماه “عصر الرماد”، يقول: “منذ اليوم الأول قالوا: الأسد أو نحرق البلد، وقد حرقوا كلّ شيء، حتى مشاهدنا أصبحت رمادًا، حتى أفراحنا وأحزاننا لم تعد تأخذ حقها من الانفعال والمشاعر” جدير بالذكر أن حسام علّوم من مواليد السويداء 1986 وتخرّج من كلية الفنون الجميلة عام 2011 وأقام عدة معارض وورشات عمل في الأردن، تركيا، الإمارات، هولندا، بلجيكا، ألمانيا.
أما بهزاد سليمان، وهو فنان تشكلي من سوريا، تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية، وكلية الفنون الجميلة، معهد الفنون التطبيقة، وشارك في عدة معارض جماعية داخل وخارج سوريا وآخرها كان في تركيا، ومثّل سوريا في ملتقى النحت العالمي في اسكي شاهير بتركيا ٢٠١٥، يقول لأبواب عن مشاركته في كولونيا: “شاركت بثلاثية تحكي عن وجوه وتعابير وقصص من ملامح الإنسان السوري بشكل غير مباشر، بعيدًا عن الطرح الواقعي، وإنما محاكاة التعبير بالخط الأسود عندما يبدأ ويتلاشى في عمق الخلفية، كل وجه من هذه الوجوه يمتلك قصة يروي هذه القصة من خلال اللون ونظرة العين وتشكيل البورتريه. الثلاثية تتكون من ثلاث لوحات بتقنية الكولاج وألوان الأكرليك على الكرتون، وكل عمل يكمل الآخر في الأطروحة وفي اللون، كل الألوان المستخدمة هي عبارة عن لغة ذات دلالات غير مباشرة، وينبغي على المتلقي التمعن باللون والكولاج المستخدم، هذه التفاصيل تعرّف بالعمل الفني”. وعن رأيه في المعرض قال: “المعرض هو نتاج مجموعة من الفنانين التشكيلين والجميل في هذا الحدث الفني أنه جمع بين فنانين أكاديميين وفنانين موهوبين، وهذا نادرًا ما يحدث في المجال الفني، والملفت للنظر التنوع الواضح في الاتجاهات الفنية والتقنيات المطروحة في الأعمال الفنية”.
من جانبه يعلّق الفنّان عمر زلق على مشاركته: “شاركت لأن المعرض يتحدث عن الحرب والهجرة، وأعمالي كانت جاهزة ومناسبة، وكنت سعيدًا بالتعرف إلى بقيّة الفنانين، عسى أن نخلق تواصلاً بيننا في الأيام القادمة”. وعن أعماله حدثنا: “أول مشاركة لي اسمها الهجرة، تعبّر عن المهاجر الذي ترك بلده بسبب الحرب ليأتي للمجهول، العمل الثاني اسمه “لماذا؟” وهو على هيئة إشارة استفهام مع وجه حزين، مع عدة أسئلة أصبحت هوية الذين تأذوا من الحرب والهجرة. الثالث هو أنا، مكسورًا ومطويًا دون عائلتي ودون وطني!” يذكر أن عمر زلق 31 سنة من ريف دمشق، معضمية القلمون، خريج معهد فنون جميلة قسم النحت، وهو عضو في نقابة الحرفيين في دمشق.
أحد الفنانين الذين لم يحضروا كرزان وحسام، هو أحمد نفوري، الذي كان في النمسا حينها، وتحدث نفوري لأبواب عن مشاركته: “شاركت بأربعة أعمال من قياسات مختلفة ومواضيع متنوعة، تتعلق بالغربة والهجرة والحرب، بطريقة تجريدية موسيقيّة، وبالتأكيد هذا متعلق بتجربتي الموسيقية التي لا تنفصل عن التشكيل أبدًا، لأن الأشكال تسمع الموسيقا، والعكس صحيح”. وعن رأيه في المعرض قال أحمد: “المعرض جميل والمبادرة جميلة، فهو يعكس نشاط الشعب الذي رغم الحرب واللجوء والهجرة، مازال ينجز ويصدر فنًا، كما أن المعرض جمعني مع أصدقاء مقربين لم أعرض معهم منذ فترة طويلة، كحسام علّوم وشيفان خليل وساري كيوان” أحمد لم يستطع الحضور بسبب عدم استكمال أوراقه وعدم قدرته على السفر من النمسا، الأمر الذي يحزنه ويغضبه. أحمد نفوري، من مواليد دمشق 1989 خريج كلية الفنون الجميلة 2011، والكونيسفتوار الوطني في بيروت 2015، وهو بالإضافة إلى التشكيل، مؤلف موسيقي وعازف كيتار، شارك في عدة معارض في سوريا، لبنان، روسيا، باريس، بريطانيا.
يصف جبّار الإقبال على المعرض بالكبير والممتاز، خاصة الافتتاح، حيث حضر ما يزيد عن 170 شخصًا، وفي المجمل، فقد زار المعرض 800 شخص بشكل تقريبي استطاعوا إحصاءهم من دفتر الضيوف حيث سجّلوا أسماءهم وانطباعاتهم، ويختتم: “حقق المعرض صدى إعلاميًا كبيرًا، وهذا عامل مشجع للفنانين وللقضية السورية التي حاولنا إيصالها للشعب الألماني عن طريق الفن، كان بث الراديو مباشرًا ومسجلاً، وحضرت صحف عديدة وكتبت مقالات عديدة عن المعرض، كذلك قام بعض الألمان بأخذ اللوحات لإقامة معرضين آخرين في شهري حزيران وتموز، وسيكون معرضنا القادم في آب وفي كولونيا أيضًا.