تميل النسبة الكبرى من أفراد الجالية العربية في ألمانيا إلى شراء المواد التموينية وخاصة الزيوت والسمون والحبوب وغيرها من متاجر العرب أو الأتراك أو الهنود؛ لمعرفتهم بأنهم سيحصلون غالبًا على نتائج مُرضية، وتتسم تلك المنتجات إجمالاً بجودتها ونوعيتها فهي تمثل قمّة ما يمكن تصديره من بلاد المنشأ، إلا أنها قد لا تكون في كثير من الأحيان في متناول البعض. أو لا تعطي النتيجة المأمولة.
ستلقي هذه السلسلة من المقالات الضوء على تنوع المواد الغذائية الأساسية الموجودة في ألمانيا كالأرز والسكر والقهوة والشاي والبطاطا والطحين والحبوب الأخرى، وكذلك الزيوت في ألمانيا. لتكون دليلاً يعمل على زيادة معرفتكم بها وبأماكن توفر أفضلها.
الزيوت في ألمانيا
تأخذ الأطعمة المطهوة خواصها وطعمها واختلافاتها بشكل أساسي من مصدرين: الأول وهو البهارات المضافة للطبق التي تمنح بعدًا آخر لنكهة المكونات، والثاني طريقة الطهي وتفاعل المواد الدهنية الداخلة في تكوين الطبق مع باقي المكونات، كالقلي والشوي. واختلاف البهارات وطريقة الطهي والمواد الدهنية المستعملة فيه الأثر الأكبر في تعريف خصائص مطابخ الشعوب وتمايزها فيما بينها.
يطهو العرب طعامهم بالسمن، والطليان بزيت الزيتون، والفرنسيون بالزبدة، والألمان بزيت بذور اللفت، والأمريكيون بزيت الذرة، والصينيون بزيت الفستق، والتايلانديون بزيت النخيل. على الرغم مما تحمله الجملة السابقة من تنميط، فهي لا تبعد كثيرًا عن الحقيقة، السطور التالية تحمل لكم كل ما تحتاجون معرفته حول اختيار الزيت المناسب، تخزينه وحفظه، وكيفية استخدامه.
تحدثنا في العدد الماضي مطولاً عن زيت الزيتون وخصائصه وعمليات اختياره، ولكننا أيضًا نطهو بزيوت ومواد دهنية مختلفة، كالسمن الحيواني لإعداد الطبخات والحلويات التقليدية، دهن لية الخروف لشيّ اللحوم وقليها أو حفظها، الزبدة غير المملحة لتحضير الحلويات الغربية، زيت الذرة وزيت عباد الشمس للقلي العميق، وزيت السمسم للحلاوة والطحينية والسمسمية. ويقتصر استعمال السمن النباتي على الاستخدامات الصناعية إذ لا ينظر إلى استخدامه منزليًا بعين الاستحسان.
ولكن هناك زيوت وسمون خفيفة وجيدة وذات خصائص غذائية عالية متوفرة بأسعار وجودة أفضل مما تعودنا استهلاكه، وليست كل الزيوت سواء عندما يتعلق الأمر بأداء الزيت عند تسخينه ونكهته، وإن كان لبعضها أداء جيد في درجات حرارة العالية ما يجعلها مثالية للقلي والتحمير. فبعضها الآخر يزنخ عند التسخين ويستحسن استهلاكه باردًا. أما عن ماذا نختار، فإليكم بعض الأجوبة:
زيت الذرة
زيت عباد الشمس
تصل عتبة احتراقه إلى 440-450˚، زيت عباد الشمس هو المفضل للقلي دون منازع، ولكنه يزنخ أسرع من الزيوت الأخرى لأنه مستخرج عن طريق عصر البذور، ولهذا يجب تخزينه في مكان بارد واستخدامه خلال سنة، كحد أقصى.
الزيت النباتي
وهو أيضًا زبدة المارغرين الصلبة والسائلة المعروفة في ألمانيا باسمها التجاري Rama وهي تنتشر في الأسواق الألمانية منذ عام 1924 وتبلغ مبيعاتها السنوية أكثر من 1 مليار يورو. تصنع عادة بمزج من العديد من الزيوت المكررة المختلفة، تصل عتبة احتراقها إلى 400˚ (ويمكن لها أن تختلف باختلاف أنواع الزيوت المستخدمة في المزيج). مثالية للتحمير وإضفاء لون ذهبي على الأطعمة المقلية كالخضار وشرائح اللحم، استخداماتها التجارية واسعة وهناك جدل محتدم حول تأثيرها على صحة المستهلكين.
زيت الكانولا
الكانولا ليس اسمًا لنبتة كما يعتقد الكثيرون، بل هو اسم تجاري أطلق في سبعينات القرن الماضي في كندا على الزيت المصنع من أنواع مختلفة من بذور اللفت التي تحتوي على أقل من 2٪ من حمض الإيروسيك، وهو الزيت الأكثر شيوعًا في ألمانيا التي تبتعد عن المناخ المتوسطي المثالي لإنتاج زيوت الزيتون والذرة وعباد الشمس. وفي الصيف، تزين أزهار نبتته الصفراء الفاقعة مساحات كبيرة من السهول الألمانية.
يشبه زيت الكانولا الزيوت النباتية الأخرى كالذرة وعباد الشمس في النكهة واللون ونقطة الاحتراق وخصائص الاستخدام. يمكن استخدام الكانولا أيضًا في تتبيل السلطة إذ أنه يمتزج مع الأحماض بشكل جيد. يمكن أن يخزن الزيت لفترات طويلة تمتد إلى سنة في مكان بارد ومظلم، بعيدا عن الفرن والغاز ومصادر الحرارة.
زيت الفستق
له لون أصفر باهت ورائحة جوزية ونكهة قوية. يمكن أن يزنخ بسرعة، لذلك يجب الحرص على تخزينه في مكان بارد وجاف، واستهلاكه سريعًا وشرائه بكميات قليلة، مثالي لتحضر الأطعمة الأسيوية بطريقة الووك (المقلاة الصينية مستديرة القعر) وتفوق عتبة احتراقه 450˚ مئوية مما يجعله أحد الأسرار وراء احتفاظ الدجاج واللحوم والخضار في الأطعمة الأسيوية بقوامها الطري والهش من الداخل والمقرمش من الخارج أذ أنه يقوم برفع درجة حرارتها وإنضاجها قبل أن يتبخر الماء من داخلها بمساعدة مقلاة الووك التي تسفع الأطعمة بحرارتها العالية، يكمل طعمه الجوزي مذاق الأطعمة التايلندية والصينية ويضفي عليه تلك النكهة المميزة للطعام الأسيوي.
زيت النخيل
زيت النخيل هو عبارة عن دهون مشبعة مصنوعة من زيت شجرة النخيل، ولا ينبغي الخلط بينه وبين زيت جوز الهند الذي يأتي من ثمار النبات نفسه. يتجمد هذا الزيت في حرارة الغرفة ما يجعله أشبه بالسمن، شاع مؤخرًا استخدامه في المخابز الصناعية كبديل عن استعمال الدهون المتحولة. وهو إلى جانب ذلك ذو أداء جيد في القلي، إذ تصل عتبة احتراقه إلى ما دون 450˚ مئوية بقليل.
زيت جوز الهند
يتحول زيت جوز الهند إلى ما يشبه الزبدة في درجة حرارة الغرفة، مما يعني انه ليس الزيت المثالي للسلطات وللاستعمالات الباردة. ومع ذلك، فهو جيد “لتقلاية” الأطعمة بحرارة معتدلة، يذوب عند تسخينه في المقلاة مطلقًا رائحة استوائية عطرية. لا تتجاوز عتبة احتراقه 350˚. ولكن قوامه الصلب عند تبرده يجعله بديلاً جيداً للمخبوزات التي لا تحتوي منتجات حيوانية. وكمادة دهنية بديلة للسمن الحيواني للأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا نباتيًا صارمًا ومتوفر في محلات الأغذية العضوية.
زيت السمسم
لزيت السمسم عتبة احتراق عالية 410˚ ونكهة محايدة نسبيًا. يدخل في صناعة الحلاوة وهو يصلح للقلي، يضاف إليه زيت السمسم المحمص في بعض الأطعمة الصينية للحصول على مذاق جوزي. يجب مراعاة تخزينه دائمًا في مكان بارد ومظلم وجاف.
زيوت المكسرات والبذور المحمصة (الجوز والفستق والسمسم وغيرها)
هذه الزيوت غالية الثمن وهي حساسة للحرارة ولا يجب تسخينها إطلاقًا، لكن أثرها على النكهات فاخر وخاصة في السلطات أو في الإضافات الباردة. يمكن من باب الترشيد خلطها مع زيت زيتون محايد الطعم أو زيت نباتي لإضافتها إلى السلطة.